بين أن تكون محظوظاً أو غير محظوظ، هناك نقطة واحدة فقط، فإما أن "يحالفك" الحظ وإما أن "يخالفك" وفي كلا الحالتين تكون كفكرة وجسد، مادة حية للأحداث تشكلك أناملها وترسم معالمك دقاتُ نواقيسها وهي ترددُ صدىً في حناياك الخاوية من معنى الوجود، نسرفُ كثيراً في قراءة فناجين مستقبلنا والتأمل في أبراج خطواتنا العاثرة والواثبة وربما دعانا قنوطنا وقلة توكلنا للوقوف خلف ضباب الأحجيات في رحلات وئيدة إلى أرباب الشعوذة وأصحاب الطالع والمتدثرين بجلود الجان من بني الإنسان.
إن الرغبة في بقاء الأمثل ضمن رحلة الجان القصيرة جداً في عمر الزمن هي من يدفعنا في كثير من الأحيان إلى تسلق أسوار المستحيل وإن سقطنا خلفها فإنه يكفينا أننا حاولنا أن نقهر استحالة العيش بشرف ولم تمتد أيدينا إلى ما وراء ظهور الآخرين!.
الحياة ذرات متماسكة من السمو ولكن لها نسبة كبيرة من ذرات سائبة من الحزن والقهر والحرمان، حتى تعابيُر وجوهنا ومساحاتُ ابتساماتنا وحدود انتكاساتنا لها موقعها على جسد الحياة وما كنا نعتقدهُ يوماً ذررة متماسكة تتحد بكل جزيئاتها بقوة معنا قد يتحول إلى ذرة سائبة لا معنى ولا وجود لها في حياتنا..
مشاعر البشر ليست محاليل كيميائية يمكن وزنها داخل أنبوب زجاجي شفاف بذرات من حمضية أو قلوية معينة أو بوتقة تستطيع أن تستوعب تفاعل أحاسيسهم وإبقاءها في حالة ذوبان تام غير قابل للانفصال، نحن لسنا أوراقاً بيضاء عاقلة تستلهم أسطر الأقدار لتجعل من كلماتها جمراتٍ أو ثمرات لأن أيدينا تصنع أقدارنا وترمم نصيبنا الوافي منها دون زيادة أو نقص.
ليس للحظ وجود في كتاب القدر وإنما هو الراحلة التي تحمل الناجين، بينما يقودها الفاشلون رغماً عنهم، حتى في مشاعر الناس يلعب القدر دوره ببراعة، حاملاً أوسكار الحب بين يديه وهو يسير على السجادة الحمراء مختالاً بنهاية سعيدة أو تعيسة انتهت بها قصة قلبين جمعهما القدر وفرق بينها القدر أيضاً.
في نهاية المطاف لا أحد يعودُ إلى منزله خاوياً، إذ لا بد أن نعود بهدايا القدر تملاً جيوب أرواحنا أما فرحاً وسعادة أو بؤساً وشقاء، والجميل في أمر هذه الدنيا أنها أرشدتنا إلى منبع السعادة وحذرتنا أن نقترب من منبع الشقاء، وهذا يكفي لتكون لدينا عجينة لينة من المعرفة نستطيع تشكليها وفق إرادة السماء وليس وفق إرادتنا نحن.
والآن هل لازلتم تشعرون بعبودية النطقة؟! تلك الذرة الصغيرة التي تعتلي الخاء وتتنحى عن جسد الحاء في جدلية "حظاً جيداً، حظاً سيئاً" التي يعتبرها الناس قاعدة أساسية للتعبير عن خيرٍ أو شر لم تصنعهُ إلا يد القدر ولم تشكل معالمه إلا ما قدمت أيديهم.
حظك العاثُر أسقاك الردى
حين لوحت بكفٍ أرعدا
يا سقيماً لم تعد انّاتهُ
توقف الإصرار في طول المدى
.. ها هي الزفراتُ أضحت شعلةً
سوف تنفي اليوم أو حتى غدا..
ألطاف الأهدل
حظك حلو!........ 2357