بلاغة الخطب وفصاحة الكلمات وحكمة التباكي على المظلومين تجتمع كلها في التميز بالخطابات الموجزة والبليغة التي تتعدى بفصاحتها وحكمتها ومواعظها خطب القس ابن ساعدة وتتجلى روعةً ودهاءً يتجاوز صاحبها بمراحل ))سحبان ابن وائل )) الذي قال عنه معاوية يوماً إنه أخطب العرب، صحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقلق ويخاف أن يسأله الله عن بغل يتردى في العراق لم لم يمهد له الطريق ؟ ولكنه الورع والزهد يتكرر، حيث لم تفقد الأمة ولاة العدل والاستقامة والخائفين على حياة الناس وكرامتهم فتهتز ضمائرهم وتتحرك نخوتهم لو حركت شعرة مواطن أو تعرض لعناء ولو عن طريق الخطأ ولئن ماتت نخوة المعتصم في شعوب الأمة فإنها مازالت في خلافة اليمن فتية ً أقوى مما كانت لدى المعتصم.
حيث تستبق الأحداث والتوقعات فحينما تم الغزو على جموع الشباب في جمعة الكرامة وذهب ضحيته عشرات القتلى ومئات الجرحى فإنه كان يهدف إلى راحة بال الناس المجاورين لساحة الاعتصام . وعندما تمت عزوة المعتصم على جولة كنتاكي وذهب ضحيتها العشرات والمئات بين قتيل وجريح ربما هي الضرورة الملحة التي تستدعي الدفاع عن الدجاج المشوي من هجوم الزبائن .
وعندما يتم قتل وجرح المئات جوار مدينة الثورة وشارع التلفزيون فإنه كان استباقاً ودفاعاً عن شيبة دسع بعد الحادث.
إنهم "يدسعون" الشيوبه.. يا للهول ويا للويل والثبور وعظائم الأمور، يا للجرائم ويا للإرهاب، ويا لشناعة الفعل القبيح .... قصة دسع الشيبة أصبحت عنوان الخطب العصماء ومنطلق دعاية الأفاكين وتحليل الحوارات المبتذلة التي ظل يرددها المستشار الإعلامي على مسامع مديري الحوارات عبر القنوات الفضائية، يعيدها ويكررها لدرجة الإسفاف والفجاجة .. لأنه ومن معه يفتقدون للحجة والمنطق في مقابل جرائم إنسانية ترتكب، هم مسؤولون عن ارتكابها وضحايا سلمية الكلمة بالعشرات والمئات يحجم عن ذكرهم لأن دماءهم في قاموس هؤلاء مهدورة بعدما أهدرت حقوقهم.... يترجم المستشار والجماعة مقولة ..لضرب شخص واحد جريمة لا تغتفر وقتل شعب كامل مسألة فيها نظر ....يا للإحساس ويا للنخوة الزائدة عن الحد والمتهورة لدرجة الإفراط، يا للدفاع عن المواطن والتباكي عليه وفي مقابلة أكثر من عشرين مليون إنسان "يدسعون" وتهان كرامتهم على مدى السنوات ويضيق بهم العيش في وطن رحب متسع ضيقت أرجاؤه ونواحيه بسياستهم وأفعالهم حتى غدا لا فرق بين وطن وبين زنازين السجن الانفرادي , كان الأحرى بهم القول إننا "ندسع" الشعب وهؤلاء الذين يثورون على "الدسع" ويرفضون منحهم الموت الرحيم ونرقيهم من مرحلة الدسع إلى مرحلة القتل والإبادة.
علي الربيعي
إنهم "يدسعون" الشيوبة 2306