في مدرسة الحياة الكثير من الدروس، منها ما قد مَر والكثير ينتظرنا، حيث أننا تعلمنا في المدرسة القراءة والكتابة، ولكننا اليوم نكتشف أننا لم ندخل مدرسة الحياة بعد ولم نتعلم كيف نستمتع بها، لذا نحن بحاجة إلى الالتحاق بمدرسة الحياة، وأول درسان في مدرسة الحياة هما: القراءة والكتابة، تماماً كما هي أول دروس درسناها في مدارسنا الابتدائية..
فبينما كنتُ أتصفح إحدى الكتب التنموية لفت نظري عنوان دائماً ما يجذبني وأعتبره صديقاً وونيساً.. مؤكداً أنها الكتابة ولربما أصادقها أكثر منها للقراءة، فهرعتُ إلى همهمة مابين السطور لأخرج بفائدة جديدة تمنح كتاباتي شيئاً جديداً..
الكتابة.. هذا الدرس العظيم دفع أحد علماء النفس وهو "برايان تريسي" لأن يقول (بالقلم والورقة يبدأ كل شيء)، فوقفت مندهشة من بلاغة هذه المقولة، لأمسك بعدها قلمي وورقي، لأحاول تفسير هذه الجملة المُخبأة في مكنونها أرقى وأعظم معاني الحياة، وخرجتُ مع أوراقي بالنتائج التالية علنا نستشعرها:
* وحدهم العلماء من يدركون حقيقة (إنما العلم بالتدوين)، فما يُكتب يُحفظ وما يُقال ويسمع ثم يُنسى.. فأكتبْ ما تتعلّم
* التربويون والتنمويين هم الآخرون يُجمعون على أن الأهداف غير المكتوبة لا تُعد إلا مجرد أحلام، لذا لا بد من كتابة الأهداف بعد تحديدها حتى تكون أوضح وأقوى ويَسهُل تحقيقها ...فأكتُبْ هدفك.
* الأفكار تتكاثر بالكتابة.. حقيقة جلية يُدركها أكثر الكُتّـاب، فحينما أفكر في موضوع ما تأتيني فكرة أو اثنتين وما أن اُشرّع في الكتابة لهذه الفكرة حتى أصل إلى خمسة أفكار أو أكثر (تتكاثر فعلاً ).. فأكتب أفكارك لتتجدد.
* من جهة أخرى، فالقليل منا يكتب مشاكله وأسبابها، فهذا الأمر يُيسر حلها، خاصة بعد تحديد ملامحها، لذا فنحن بحاجة إلى كتابة مشاكلنا لنحلها بطرق مناسبة.. فاكتب مشاكلك.
* أيضاً كذلك هو للقرارات، فكتابتها مرفق بسلبياتها وإيجابياتها مع الموازنة بينهما يساعد كثيراً على اتخاذ القرار المناسب.. فأكتب قراراتك.
* الكتابة أيضاً تجعلنا أقدر على تنفيذ أعمالنا دون نسيان أو تشتت، فلو لم أكتب أمامي ما أريد عمله مُرتباً، لنسيتُ بعض أعمالي وتشتتت البقية وهذا الشيء يجعلني أرغم أخي -رُغم انزعاجه من هذا الحرص- على أخذ قائمة طلبات مكتوبة معه حينما يذهب إلى السوبر ماركت حتى لا ينسى شيئاً .. فاكتب أعمالك.
أجمل ما يميز الكتابة – بالنسبة لي – أنها تحفظ ذكريات حياتي الجميلة، فكلما أقرأها أعزم على إعادة تكرارها وإن امتزجت يوماً بالأخطاء والحماقات التي قد نرتكبها، إلا أن لذلك أهمية في الحرص على عدم تكرارها , وأجمل ما يصلني من هدايا هي (دفتر ذكريات) وأعتبره كنزي وأعنونه دائماً بجملة (لا تفعلي ما تخجلي من كتابته هنا)، فهذه الجملة تعطي سراً آخر للكتابة، فحينما نكتب عن حياتنا بأيدينا، فسنستحي ولو قليلاً من أن نملأه بأعمال سيئة مخجله..
الحديث عن الكتابة أمر مُشوّق ومطوّل، لذا فلقد اختصرت أهم مكامنه الجميلة في سطور وسأختمها بأن الكتابة هي القوة.. هي الإيجابية.. هي التركيز والطاقة والحماسة ووضوح الرؤية، وأهم شيء.. هي الصديق حين يعز الصديق، فلماذا لا نوقن أن الكتابة أهم درس في الحياة وبها تحلو وتتغير الحياة.. فاكتبوا.
أحلام المقالح
اكتُبْ........... 2093