في متلازمة سلالية بشرية عرقية تظهر ألوان البشر الجميلة، الداكن منها والفاتح، الثائر منها والفاتر، الفاحم منها والأشقر... الساخن فيها والبارد.. كلٌ وفق بيئة جغرافية معينة أوجدتها السماء، تماماً كحضانة أطفال "بتشديد الضاد" وبدرجات برودة وحرارة غاية في الدقة.
تفاصيل متناسقة طولاً وقصراًً، وبألوان طبيعية وخيالية من الشحنات الهجين بين شرق وغرب.
أعين مدهشة بين ليل حالك ومحيط أزرق غارق في البرودة وأخضر شديد الخصوبة وأخرى بنية "بتشديد الياء وضم الباء في أولها" بلون زحل المهيب بين السود والبيض حكايات عبودية وملكية، أسر وحرية، حكايات سفور وافتتان بين شعوب وقبائل ذائبة في قاسم مشترك وحيد هو الإنسانية بمشاعرها الراقية وعواطفها السامية وقدرتها على التواصل الخلاب والاتصال المثمر.
السود والبيض أساطير وإمبراطوريات ومعارك وفتوحات، احتمل السود خلالها أثقل المعدات ورقص البيض في النهاية لأعظم الانتصارات، وبينما كانت السيادة للبيض كان الإقصاء من نصيب السود حتى جاء "سبرتاكوس" زعيم ثورة السود وحتى أصبح للسود في جميع أنحاء الأرض قدرة على الظهور والتميز بعد كسر القيد العرقي وظهور الثروات ذات التنوع الجذري والمتمثلة في أشجار تجارية نادرة وفرو حيواني باهظ وقرون وجلود رائعة ذات عائد ربحي كبير جداً.
بين السود والبيض فروق كبيرة إلى حد ما، لكن السود يرتبطون بالطبيعة ا لثرية كمصدر دخل والهام وبناء مجتمعات جديدة، بينما يراها البيض متعة حقيقية لا تضاهى، معتمدين على تميزهم بالحصول على ثروات الأرض الأكثر بذخاً وثراءً، شخصياً أعشق القارة السوداء بما فيها من بشر لازال أكثرهم فطرياً إلى حدٍ ما مع العلم أن نوعاً من نسق المشاعية البدائية، لازال قائماً في تلك القارة، الماس وأشجار الكاكا والمكسرات وبعض الأعشاب الداخلة في الصناعة التجميلية وأنياب وقرون وجلود بعض الحيوانات وإن كانت قد خلقت تجارة خطيرة أفرزت عصاباتها المحترفة للتهريب حول العالم إلا أنها أيضاً خلقت تجارة عادلة مع المجتمعات المحتاجة في جميع أنحاء العالم وذلك وفق النظرة التجارية الجديدة التي تدعم التأثير الإيجابي للمجتمعات، بل وتساهم في إشراك المجتمعات الأكثر فقراً بالربح المادي ضمن مشاريع استغلال الثروات الطبيعية والبشرية.
السود والبيض هما أجيال الإنسانية المتعاقبة كتعاقب الليل والنهار وهنا تحضرني آية في كتاب الله عز وجل ((ليتخذ بعضكم بعضاً سخريا)) "الزخرف" وهذا التسخير حلق التوازن الكامل والتكافل بين بني البشر.
السود والبيض، قمرٌ مخسف وشمسٌ مكسفة، رخام شفاف وجرانيت لامع، تزاوج دفء بين فكرة ومعتقد، وتفاعل نشط بين ذرات إنسانية تقصد الحياة كوجهةٍ بعيده.. السود والبيض القضية التي لا تستوعبها ملفات العالم ولا يمكن اتخاذ أحكام ضدها أو لصالحها وليس هناك من سبيل إلا أن تقيد ضد مجهول.. عبث بالبشرية منذ أن كان بيتها السماء.
السود والبيض رواية جميلة لهذا الخلق الرباني المبدع وبالرغم من كونها رواية طويلة جداً، ليس لها بداية ولا نهاية إلا أنها تختصر في قالب شوكولاته لذيذ غارق في كوب من الحليب على الأقل من وجهة نظري أنا.
ألطاف الأهدل
السود والبيض.. الليل والنهار 2634