;
علي الربيعي
علي الربيعي

عرس بريطانيا وجمعة الساحات العربية 1817

2011-05-02 02:03:55


المكان كنيسة "ويستمنستر آب" في لندن والزمان يوم الجمعة , شدني الحدث على القنوات التلفزيونية عندما رأيت الحشود الجماهيرية تحيط بالكنيسة، فظننته زخم الثورات العربية هبت رياحه على بريطانيا العظمى تطالب برحيل الملكة ونظامها الملكي ومحاكمتها مع رئيس الوزراء .
وعندما رأيت مراسل إحدى القنوات يسأل شخصاً طاعناً في السن معلقاً على شجرة كرباح الشمبانزي: منذ متى يتواجد على الشجرة ؟، فيرد أنه من الليلة الماضية . فزاد ظني تأكيداً محدثاً نفسي أنه يقلد الشباب في ساحات التغيير العربية الذين يعتلون الكامبات ولوحات الإعلانات رافعين مطالبهم وشعاراتهم لعلها تجد من يراها أو يسمعها أو يستحي من ارتفاعها ...
استمرت لحظات الذهول وأنا أتساءل كيف تغيرت الأوضاع في العالم وانتشر الفساد والثورات بهذه السرعة ؟ ولأني كنت أتابع القنوات وأشاهد مناظر مصراته التي أصبحت تشبه خرائب "ستالينجراد" في الحرب العالمية الثانية ودرعا وحمص في سوريا والدبابات تتحرك في ساحاتها وشوارعها وساحات التغيير والحرية في صنعاء وتعز وغيرها من الساحات والمستشفيات الميدانية ونزلائها الذين ترسلهم الأنظمة مضرجين بدمائهم في معركة تحرير ينادي أصحابها بالتغيير والسلم فيذبحون...
انتظرت دبابة تدك الكنيسة وما حولها أو عربات رش المياه الحارة التي تسلخ الجلود أو المعطرة بمياه المجاري المخترعة يمنياً ... ولكن المفاجأة أنها ظهرت عربة تجرها الخيول عمرها مائة عام لأجد الهرج والمرج والزحام كان بسبب حفل زفاف أسطوري لواحد من أحفاد ملكة بريطانيا ولم يكن ذلك المسن المعلق على الشجرة مسكيناً أو فقيراً ينتظر الزبالة التي سترمي بعد عرس باذخ إمبراطوري حتى ينبش الأكياس ويقتات على بقية اللحوم والفواكه التي ترمى بالأطنان في مناسبات مشابهة لبعض لصوص المال العام في بلادنا الديمقراطية وإنما كان يتسابق هو والكثيرون على الحصول على أماكن تتيح لهم رؤية موكب العروسين عن قرب... زادني الموقف حسرةً وألماً عندما دارت في ذهني مقارنة سريعة بين مواطن في آخر عمره يضحي بنومه وصحته وربما سلامته ليحظى بفرصة دقائق يرى من خلالها عرس أسرة يحترمها ويحبها لدرجة التقديس، ومواطن آخر في عالم آخر يتسلق الشجر والحجر والحديد لعل صراخه يصل إلى أبعد مدى مستنجداً مستغيثاً من أسر تحكمه وتهدر حقوقه وكرامته وتمنحه ألقاب الخيانة وتستبيح دمه بعدما استباحت حقوقه وأمواله , والمشكلة أن الإنسان هو الإنسان ولكن ذلك المسن المحب لنظامه في بريطانيا يحصل على كل حقوقه دون انتقاص في دولة حكمت العالم بنظام يحترمه الجميع ودستور غير مكتوب منذ ألف عام . والآخر يسومه نظامه سوء العذاب تحت دعوى حماية الدستور والنظام ويتساءل بسخرية عن سبب ثورته عندما يثور، كما تساءلت يوماً ماري أنطوانيت زوجة الإمبراطور الفرنسي عندما رأت من شرفة القصر جموع الثوار الجائعين تتجه ناحية قصر فرساي، لماذا لا يأكلون الكعك والبسكويت؟.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد