أتذكر حين كنا تلاميذ في المدرسة الابتدائية أن الأستاذ كان يأخذ كرسيه ويجلس وسط الصف ثم يبدأ بالحديث عن الوحدة وكأنه يحكي لنا قصة رائعة من قصص ألف ليلة وليلة وفي ختام حديثة يقول لنا أغمضوا أعينكم وتخيلوا أنكم تقضون إجازتكم في إب أو تعز ويبدأ بوصف جمال المدينتين حتى يخيل لنا أنهما أجمل مدن العالم.
في الجنوب كنا نعشق الوحدة من كثرة ماكنا نسمع عنها من المدرسين أو من السياسيين أو حتى من الناس العامة، كانت الوحدة حلماً جميلاً وهدفاً مقدساً في أذهان الناس لكن ذلك الحلم كان يختلف تماما عن الوحدة التي صنعها الرئيس.. إن جاز التعبير..
أقول هذا ليعلم فخامته أنه لم يصنع الوحدة بقدر ماغير مفهومها وشوه صورتها في أعين الجنوبيين بالذات سواء من خلال سياسة النهب والسلب التي مارسها بمجرد أن وضع قدمه على خيرات المناطق الجنوبية أو من خلال سياسة الإقصاء والتهميش التي مارسها على كل من كان مسجلاً في بطاقته أنه ينتمي إلى مستعمرة الرئيس الجديدة.
المهم أنه استطاع وبامتياز أن يخلق روح الانفصال والكره والحقد داخل قلوب الجنوبيين ونؤكد لفخامته أنه بزواله عن كرسي الحكم بل منذ بداية الثورة عادت صورة الوحدة الجميلة إلى الأذهان وجمع اليمنيين هدف واحد وأمل واحد ورؤية واحدة لمستقبل قادم ولا يجب على الرئيس أن يخاف علينا من نشوب حرب أهليه لأننا قد شبعنا حروباً في عهده حتى أصبحنا نحلم بسلام يجمعنا ويمنحنا الفرصة للعيش بأمان كبقية البشر.
بالأمس أيقنت ان الفضائيات لاتبالغ حين تصف ما يقوم به جنود الرئيس من وحشية ضد المتظاهرين لأنني رأيت بعيني الشباب وهم يحاولون المضي بمسيرة سلمية من جولة سوفيتيل إلى ساحة الحرية بينما كانت حشود من الأمن المركزي والجيش والنجدة تحاصرهم وتطلق عليهم الرصاص والقنابل المسيله للدموع وترشهم بالماء الساخن وكأنهم غزاة هجموا على البلاد من كوكب آخر,, منظر لايمكن وصفه، بوحشية غير مبررة وغير إنسانية أبدا، ولايمكن أن يصدقة إلا من رآه بأم عينه، يكفي أصوات الرصاص الكثيفة التي أفزعت كل سكان الشارع.
فلماذا هذا العناد ولما كل تلك القسوة والوحشية؟والسؤال الأهم هو كيف يتحول الحاكم من راع للشعب ومسؤول عن أمنهم وأرواحهم الى مستعمر مضتهد وقاتل لكل من يقول له إرحل عن الحكم وأترك لنا شيئاً من الحرية وفسحة من الأمل نبني بهما وطناً يتسع للجميع.
عجيب أمر هؤلاء الحكام.. يأبون إلا الرحيل مكبلين بدماء الأبرياء وملطخين بعار لن يمحه التاريخ أبداً بدلاً من إن يرحلوا إلى الله عز وجل باحثين عن رحمته وغفرانه ربما هي إرداه المولى أن يذيقهم الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة .
ومضة قلم..
وطني في قلبي
وقلبي جنوبي
وجنوبي أرض اليمن الحبيبة
جواهر الظاهري
شجرة الوحدة .. لم يزرعها الرئيس 2126