إن عظمة هذه الثورة الشبابية الشعبية تتجلى في قدرتها على إتاحة الفرصة لكل أبناء الشعب وبكل إمكانياتهم وقدراتهم في الإسهام الطوعي الفاعل في إنجاح الثورة.
ويعد أصحاب الدرجات النارية من تلك الفئات التي قدمت دوراً فاعلاً وملموساً ومهماً وحيوياً وفارقا بين الحياة والموت في بعض الأحيان، وهم ينقلون الجرحى والمصابين تسمع لدرجاتهم هديرا كهدير السيل، وهي تسرع في خفة كخفة الطير، ولهم اجتهاد وصبر ومصابرة تضاهي صبر الجرحى مصابرتهم، بل بلغت بطولة بعضهم وإقدامهم حد المخاطرة بحياتهم في اختراق حاجز الخوف والوصول إلى المصابين لإسعافهم، بعزيمة لا تعرف الخوف وهمة لا يحد منها أزيز الرصاص الحي الذي يحصد الأرواح الزكية، ويقتل الأبرياء بلا جريرة، فيتقدمون لإنقاذهم في فدائية تستحق الإجلال والاحترام، وأن تتناقلها الأجيال بالتقدير اللائق ببطولات هؤلاء الأحرار.
إن هذا الموقف المشرف والرائع لأصحاب الدرجات النارية يجعل من إسهامهم في الثورة إضافة مهمة تبعث على الفخر والاعتزاز بهؤلاء الجنود المجهولين الذين يهبون لنجدة الثوار في مسيراتهم السلمية كل مرة تتعرض فيها أي مسيرة سلمية للغدر من قبل النظام، يبهرونك وكل واحد فيهم يوصل المصاب ثم يعود مرة بعد مرة وليس له من هم إلا أن يسرع العود لإنقاذ مصاب، أو نقل جريح، يبتغي بذلك الأجر والثواب من الله عز وجل.
يبقى أن نقول إنه إذا وجد بلاطجة فهنيئاً للنظام بهم، هنيئاً له، فالطيور على أشكالها تقع، فلو كان النظام فيه ذرة من وطنية ما قتل مواطنيه، ولو كان فيه ذرة من حمية يمنية ما ضرب النار على العزل الذين يتلقون الرصاص بصدور عارية.
د. محمد عبدالله الحاوري
جنود مجهولون في ساحة التغيير 2304