((فلو أن امرأ مسلماً مات من دون هذا أسفاً ما كان عندي فيه ملوماً , بل كان عندي جديراً )) كلمات استعرتها من خطبة الإمام علي كرم الله وجهه لأهل العراق لامهم فيها ووبخهم على خذلانهم له وعدم نصرته حين وصل الأمر ببعض جنود معاوية غزو الأنبار وقتلهم والي الإمام علي ثم انصرفوا سالمين غانمين دون أن يصاب أحدهم بخدش أو جراح .
ليس هذا موضوعنا ولا ما نريد ولكن وجدت الكلمات أصدق تعبيراً عن نفس مكلومة وفؤاد منكوء ومشاعر مجروحة وكبرياء حق وصدقٍ يحارب بخذلان جاهل وباطل مستهتر رددتها كلمات الإمام وأنا أشاهد قناة اليمن عقب صلاة الجمعة.
كما هي العادة يأبى القائمون عليها وممولوها إلا تزييف الحقائق وممارسة الدجل المفضوح والمكشوف والكذب المستخف بعقول الذين يحضرون مولد يوم الجمعة على شارع السبعين , رافعين الشعارات والصور ويحيون موالد أسبوعية ـ ليست موالد للصوفية سنوية وليست زيارة ابن علوان أو العيدروس ـ ولكنها زيارة لولي جديد في مسجده ومقامه وحياته.
كنت أظنها في السابق احتفالات أو مناسبات سياسية ولكني اكتشفتها موالد من خلال الشطحات التي تحدث خلالها والتي تشبه شطحات الصوفية زمن الحلاج وابن عربي, وإن لم يصرح بتلك الشطحات اليوم، فالأذكياء والمريدون والأتباع يكفيهم التلميح إذ ليس بالضرورة القول ليس في الجبة إلا ما قيل ... ولكن بطريقة حديثة ليس في الجبة إلا الأمن والإيمان والشرعية والشريعة والنظافة والشرف والنزاهة والوطنية وهي هبات ومنح تنطلق من خلال الجبة، فإن مس ما في الجبة ضاعت كل هذه النعم وحل الدمار والنقم، شطح المولد الجديد لا ينشغل بطقوس هز الرؤوس والأجساد وترديد "حي حي" ولكن لسان حالهم يردد "غي غي "، إذ ليس هنالك شطح أكثر من كيل التهم لملايين البشر ووصمهم بالإرهاب ودعاة الفتن والتمزق والدموية وهم الذين يمثلون الصورة الأرقى والأنقى والأوعى إلى اليوم..
هؤلاء هم الإرهابيون الذين يتعرضون للقتل وسفك الدماء على مدى سبعين يوماً ويرفعون شعارات السلم مخضبة بدمائهم الزكية والطاهرة حتى الرمق الأخير ... الإرهابيون من وجهة نظر جمهور مولد السبعين ومريديه يمارسون أسوأ صور الإرهاب ويستحقون عليها القتل والإبادة لأنهم يخرجون عن ثوابت جمهور السبعين عندما يدعون للتغيير والحرية ومحاربة الفساد ووقف نزيف المال العام الذي يذهب بصورة سيول وأنهار إلى جيوب وأرصدة الفاسدين .
ملايين اليمنيين على الساحات متهمون بجريمة التآمر على الوطن وممارسة الإرهاب في حقه لأنهم يبحثون عن كرامة الوطن ويتساءلون عن حقوق المواطن التي أهدرت بتعمد وافتعال وتصنع الغوغائية والعشوائية وشعارات التضليل والتخويف . إنه شطح الذين لا يستيقظون من غفلة ولا يصحون من نوم أو خدر...ولا يحترمون عقلاً أكرم الله به الإنسان.
فأين هي ساحة الإرهاب ومن يمارس الإرهاب؟، أفتوننا أيها الحريصون على الوطن ومحبيه وبينوا لنا الإرهابيين حتى نحذرهم ونتجنبهم، فأنتم العقلاء والمخلصون والحريصون على استثمار كل شيء ولو كانت دماء أبناء الوطن... وننشد لكم بيتاً للمتنبي :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ
علي الربيعي
جمعتا الستين والسبعين؟ 2054