* من جحيم المعارك والقصف بالذخيرة الحية، إلى ردهات المحافل والهيئات الدولية، تمتد معركة الإرهاب، توصيفاً وقوننة.. مواجهة واجتثاثاً، حيناً بالذخيرة الحية وحيناً بقصف متبادل لحجج فقهاء القانون، ففي حين ارتكبت وما زالت الجرائم والمجاز في أكثر من منطقة تحت شعار أو يافطة مكافحة واقتلاع الإرهاب.. فإن مواجهات لا تقل عنه ضراوة، تخاض على أكثر من جبهة وبأي فرقاء مختلفين التكوين والمصالح.. حول تعريفات الإرهاب بما هو عليه من تدمير وقتل الأبرياء وزعزعة الاستقرار الدولي وبين حق الشعوب في إتباع كل الوسائل لمقاومة الاحتلال.
* هذا الالتباس الذي يسوق اليوم من قبل بعض الدول.. يضعف قاعدة التحالف الدولي والإنساني ضد ما بات يوصف بـ"الإرهاب"، ويجعل من أي تحرك جمعي لمواجهة تداعيات هذه الظاهرة، عرضة للتفكك والانهيار، تحت ضغط غياب إطار قانوني، يقارب بين المواقف ويصوغ آلية موحدة تأخذ بالاعتبار ضمان الأمن والسلم الدوليين، وتردع كل محاولة لجعل الإدعاء بـ"الإرهاب" مطية لتحقيق مآرب وغايات أخرى، وسيلة لتصفية حسابات الأنظمة –تحت ذريعة مكافحة الإرهاب والتطرف- مع خصومها السياسيين والمعارضين وحملة الرأي الآخر والبرامج السياسية المغايرة، في ظل انعدام آلية مراقبة صارمة ورادعة تعطي المنظمة الدولية حق تفنيد الإدعاءات والفصل بين مكافحة الإرهاب وانتهاك السياسة المدنية، وسيظل هذا الخلط قائماً، وستظل العلاقة بينهما متماهية، ما لم يتم سن التشريعات وترسيم الحدود بين ثلاثية قمع الأنظمة الاستبدادية لشعوبها تحت ذرائع الإرهاب، وبين حقيقة وطبيعة الإرهاب، وحق الشعوب في مقاومة الاحتلال وتحرير الأوطان.
* وربما أن لكل طرف من الأطراف الداعمة والراعية لمبدأ المماطلة والتسويف تجاه حسم قضية "توصيف الإرهاب"، إلى ما لانهاية، حسابات أخرى، وبعيداً عن التفتيش في ضمائر الأنظمة هي الأكثر انتفاعاً من إبقاء تهمة الإرهاب منفلتة بصيغتها الراهنة المطاطة وغير المنضبطة، قانوناً ومرجعاً، حيث الجرائم ترتكب ضد مدنيي فلسطين باسم مكافحة الإرهاب.
* وأخيـراً فإن استمرار هذا الوضع غير القانوني المائع الرجراج، لن يكون لغماً ناسفاً للتحالف الدولي فحسب، بل وذريعة لانتهاك حقوق وحريات البشر، وهي انتهاكات ستزرع الأرض بجيوش لا تنتهي، ومدد لا ينقطع من محترفي الإرهاب أو المجبرين على اقتفاء أثره، وسيبقى التعويل على العمل العسكري وحده محاولة للحرث في البحر!.
alhaimdi@Gmai.com