خرجت الوظائف إلى النور رأت هي الأخرى نور الحرية، بعد أن كانت سجينة الأدراج، السؤال: لماذا الآن وفي هذا التوقيت تحديداً ولماذا لم تظهر من قبل؟!
اسألوا أيها الشباب وتساءلوا عن السبب، فالمعروف حالياً والمتتبع للأحداث الجارية في اليمن سيعرف أن الشباب يرفضون الاعتراف باللقاء المشترك ويرفضون أن يمثلهم في حوارات أو مفاوضات إذا لم تكن متضمنة التنحي الفوري والمحاكمة، هذا الأمر راق كثيراً للسلطة، فبدأت بالتوجه نحو الشباب وقامت بإنزال الوظائف حتى تعطي لأقوالها مصداقية.
وظناً من الرئيس أن التوظيف وإلغاء البطالة سيثني الشباب عن ثورتهم، فالسلطة ترى من وجهة نظرها أن ثورة الشباب سُيست وأن أحزاب اللقاء المشترك هم من يرفعون سقف المطالب وهم السبب المباشر في حدوث الأزمة، وهم أيضاً سبب تهييج الشارع والدفع بالشباب إلى التعبير والهتاف بعبارة "إرحل" وإلى آخره.
وأنا أقول هنا وأنا واحدة من الشباب وسأتحدث عن نفسي.. نعم، قد تكون في البداية مطالبنا تتمثل بالتغيير الشامل والجذري للنظام من أجل التحرر من الظلم والقضاء على الفساد والبطالة والفقر وإلى آخره من المطالب التي كان من السهل تنفيذها لو استمعوا إلى أصوات الشباب في ساحة التغيير وساحة الحرية، حتى أنا ما كنت أتحدث إلا عن التغيير في النظام، ولكن بدلاً من احتواء الشباب وسماع مطالبهم البسيطة، تم التعامل معهم بأسلوب قمعي تعسفي وأسقطوا كم شهيد وكم جريح، بداية من المعلا والمنصورة وبعدها المجزرة الأكبر والأكثر عدداً مجزرة جمعة "الكرامة" في ساحة التغيير بصنعاء.
وهكذا ألحقت محافظة تعز بالركب ولحق أبناؤها بالشهداء إخوانهم وتوالت الاعتداءات على أبناء اليمن الواحد، ويزداد عدد القتلى والجرحى يوماً بعد يوم، فلم أعد قادرة على تحمل الوضع لدولة ممثلة برئيسها تغتال أحلام الشباب وتسفك دمائهم بدم بارد وتسقط الجرحى هنا وهناك، فماذا ننتظر منها؟، من لا يحمي أبناءه ويقتلهم لا يستحق أن يكون جالساً على كرسي السلطة.
كيف بالله نأمن على أنفسنا في بلد يسعى حاكمه لفعل المستحيل من أجل الحفاظ على الكرسي؟ لذا بدأت أردد وأقول "إسقاط النظام"، بدلاً من تغييره.
فكل قطرة دم أهدرت وسقطت وروت الأرض غالية علينا جميعاً، فأنا أرى في صورة كل شهيد، صورة أخ وأب وقريب وعزيز لي، كيف لا وهم أبناء بلادي، بلاد اليمن الحر الرافض للذل والقمع؟
فيا شباب التغيير لا تنخدعوا بتلك الوظائف التي بها أرادت السلطة أن تعيدكم إلى نقطة البداية، فالوظائف الآن ليست هي الحل للخروج من الأزمة ولا تجعلوا هذه الحيلة تنطلي عليكم وتعودوا إلى نقطة الصفر.