والسبب طبعاً "صالح ومواقفه المتناقضة"، التي تجعله تارة يقبل إرادة شعبه، التي حكمت على نظامه بالرحيل وتارة أخرى يتنكر لقبوله ويعلن تمسكه بالشرعية الدستورية، التي فقدها عند أول قطرة دم سٌفكت، وهذه المرة بموقفه الأخير المتناقض مع إرادة شعبه، يتمسك بذلك المبرر التافه وهو أنه "لم يجد البديل الذي سيسلمه زمام الأمور بعده"، لأنه يرى بأن اليمانيين كلهم منقلبون على الشرعية الدستورية، ومتآمرون على الوطن.

 والجديد في موقفه هذا أنه أستخدم لغة التهديد، المغلفة بالتحذير للغرب بأنهم سيدفعون ثمن تغاضيهم عن الأعمال التخريبية لتنظيم القاعدة في اليمن، لا تأخذوا ببالكم، لأنه تهديد صوري، فصالح من المستحيل أن يفسخ العقد معهم ليخسر هذه الصفقة، فمؤكد بأنه سيعتذر لهم رسمياً بعد انتهاء مشهده المسرحي.

المهم خلاصة الموقف أن "صالح" كالعادة لا يرى أحداً مؤهلاً لتولي السلطة سواه، فهو مازال وسيظل يساوم بتلك الأوراق الخاسرة "الحراك الجنوبي وإرهاب القاعدة والتمرد الحوثي"، ما يثير استغرابي هو أن هذا الرجل لا يمل من تكرار كلام قد سئمنا سماعه والمصيبة الأعظم أن هناك أناس مازالوا يصدقون هذه الشعارات ويرددوها "صالح لو رحل البلاد بتدخل في حروب أهلية وصراعات ستجر البلاد إلى صوملة.. صالح لو رحل سيخسر الوطن أهم منجز للثورة وهي الوحدة.. صالح لو رحل سيزدهر تنظيم القاعدة في اليمن وستكثر العمليات التخريبية". 

يا جماعة اصحوا من هذه الأوهام، التي لا وجود لها سوى في مٌخيلة النظام، فالإرهاب أزدهر بوجود صالح وسينتهي برحيله والحوثين تمردوا على نظام يشن حروب مذهبية عليهم، والجنوبين يطالبون بنظام جديد لا يعاملهم بتهميش مٌفتعل، فقد حان الوقت لنقول له سئمنا تلك الحتوتة، التي كنت تحكيها لنا، لنغوص في سبات ظلمك وفسادك لتراودنا أحلام جهل بأن اليمن لن تكون بأمان واستقرار إلا في ظلك، فقد كبرت عقولنا ولم تعد تستوعب أفكارك، فيكفينا أن نأخذ العبرة من خطابك في بداية الثورة، عندما كنت تنادي يا دعاة الفتنة والتخريب اتقوا الله فأنتم تثيروا الفتنة في بلد شعبه مسلح، ففعلكم هذا لن يحمد عقباه وكلنا صدقنا وطنيته المزيفة، ولكن عندما عامله الشعب بنقيض قصده ونادى بالتظاهر السلمي وواجه رصاصه بالإرادة، وليس بالسلاح، فاثبت للكل بأنه أعقل من حاكمه الذي يريد أن يجعل التخلف سمته.

فكلما صفت أحلام الشعب برحيله يعود بغيوم فساده التي تحجب شٌعاع التفاؤل عن الوطن، ولكن نحمد الله بأن عزيمة وإصرار الثوار مازالت بنفس القوة، بل وازدادت صموداً وثباتاً، خصوصاً عندما أستخدم الوسائل الاستفزازية، فالقتل زادهم صبراً وصموداً والغازات السامة لم تستطع كتم أنفاس الحرية ومياه المجاري لم تصل إلى طٌهر أحلامهم لتدنسها.

* بقايا حبر:

الاقتناع بوجود المشكلة يعتبر بحد ذاته جزءاً من حلها، لذلك يجب أن يقتنع "صالح" بأن بقاءه أكبر مشكلة للوطن.

naaemalkoulidi23@hotmail.com