لو أنك رحلتِ بكبريائك.. بغروركِ.. لو أن عينيكِ لم تعزفا مراسيم الوداع.. لو أن يديك لم تلوحا بالسلام الأخير.. ولم تخط أناملك رسالة وداع معنونة بلقاء قريب.. لَقَبلْتُ اليوم منك كل هذا الجفاء.. ولشكرتُ لك هذا الغرور.. ورضيتُ قسراً بهذا المصير.
أما وأنك قد عزمتين الرحيل والخروج من أعماق روحي وآثرتين عيش البقاء بعيداً عن حياة قلبي، فهناك في زوايا قلبي يمكنك أن تأخذين مفتاح الخروج، فدون سعادتك يهون كل شيء.. فارحلي ولن أوصد بعدك أبواب قلبي، بل ستبقى مفتوحة، لأني أعرف أن يوماً سترجعين.
أجزم بأنك ستعودين.. لأنك لم تأخذي ما يتوجب أخذه عند الرحيل.. لم تفرغي الفؤاد من بقايا وجودك فيه:" ذكريات.. حب.. وفاء.. مودة.. حنان.. مشاعر.. عواطف"، فهي باقية في قلبي ـ لذا، أجزم أنك يوماً سترجعين.
لا أنكرك أن الشجاعة تأخذني أحياناً للتفكير بأن أنساك، لكن عندما استشعر ذلك النسيان وأتخيله يأخذني شيء من الإجهاد والتعب وأشعر بأن أحاسيسي تمزقني وتنفطر دماً، حينها أدرك أن تفاصيل تلك الذكريات التي كانت تجمعنا كل ليلة يستحيل معها النسيان.. وهنا ينتابني لذة الشعور بالبكاء.. فلا أجد شيئاً أحلى من البكاء..
يا من عزمتين الرحيل.. أليس بوسعك الآن أن تعرفين قيمة ذلك الرحيل؟! ومن سيدفع ثمن ذلك الكبرياء؟!
أنا أجزم أن هذين السؤالين لهما ألف إجابة بين حناياك وأنك تتعمدين التستر على الجواب، أنا أجزم أنك تعرفين قيمة هذا الرحيل بأنه نهاية إنسان أبى العيش إلا في كوكب عينيك وخروجه من ذلك الكوكب هو نهايته المحتومة التي لا مناص منها..
فهلاَّ ادركتين الآن أن ثمن رحيلك هو إنسان ليس له ذنب سوى أنه أحبك يوماً.. أحبك.. أحبك..
همسة:
مازلت أدفع من دمي أعلى جزاء
كي أسعد الدنيا
ولكن السماء شاءت بأن أبقى وحيداً
مثل أوراق الشتاء
فهل القصيدة طعنة في القلب ليس لها شفاء
أم أنني وحدي الذي عيناه
تختصران تاريخ البكاء؟!
لن أقرأ التاريخ بعد اليوم
إن أصابعي اشتعلت وأثوابي تغطيها الدماء
البحر بعد رحيل عينيك استقال
والشعر يسأل عن قصيدته ولا أحدٌ
يجيب على السؤال
