كان شباب هذا العصر يوصفون بكل ما في مفردات القاموس من صفات اللامسؤلية فهم المستهترون، العابثون، لا يجيدون التفكير ولا يحبون العلم أو تحمل العناء في سبيله، مع أنهم كانوا ضحية سياسات خاطئة ونوايا سيئة من قبل الحكام والمسؤولين ، فقد كان يُراد لهم أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه من يأس في مشاعرهم وهبوط في أحلامهم وحتى الانحلال الأخلاقي الذي بلغ ذروته في مرحلة ما لم يكن كل هذا صدفة وإنما هو باعتقادي سياسة محكمة التخطيط من قبل الذين يحركون الحكام العرب بأيديهم كالدمى ويحكمون البلدان العربية من على بعد ولأنهم يعلمون حق المعرفة أن نهضة أي بلد لا تقوم إلا بعقول شبابها وسواعد رجالها .
لذلك فقد سخروا كل إمكانياتهم المرئية والمسموعة والمقروءة لهدم عقول الأجيال وإلهائهم بالملذات الرخيصة وحبس أحلامهم في إطار واحد هو كيف تضيع وقتك وتنسى همومك بمزيد من التسلية الغير مكلفة والمتواجدة بسهوله ويسر في كل مكان إلى جانب أن مناهج التعليم ساعدت على ذلك بشكل كبير فهي ترسخ مفاهيم الجهل أكثر، من إزالته إلى التضييق على الناس بمختلف الوسائل ومنها جعل اهتمام الجميع يدور في حلقه واحدة وهي البحث عن لقمة العيش فحسب وكل أحلامهم تنحصر في الحصول على فيزة للهرب إلى بلد آخر يحضون فيه بشيء من فسحة العيش.
ما حصل في تونس كان مدهشاً لكنه لم يلفت الإنتباه إليه إلا بعد قيام الثورة المصرية التي كانت أكثر إدهاشاً بل المعجزة التي فتحت الباب أمام شباب الدول العربية لكسر قيود الكبت والحرمان والظلم وإطلاق سراح أحلامهم بموجات غضب ثارت كالبركان، أحرقت قوانين الظلم ودكت عروش حكام جعلت أطماعهم مجرد عبيد لمن يعينهم على البقاء في كراسي من وهم بأي ثمن وأي وسيله.
المدهش أكثر في كل ما حصل في هذه الثورات العصرية بكل ما تعنيه الكلمة أنها حولت إحدى أهم الأدوات التي كانت وسيلة من وسائل العبث وتضييع الوقت بالنسبة لأغلبية الشباب وهي الانترنت إلى وسيلة من وسائل الثورة الفعالة فعبرت بداية الدعوة إلى الثورة ومن صفحات "الفيس بوك" الذي كان مجرد نطق اسمه يثير في النفس كثيراً من الاشمئزاز من مستخدميه لما كان يعرف عنه بأنه وسيلة من وسائل اللهو وإقامة العلاقات المشبوهة وتبادل كلمات العشق والهزل، أصبح الآن وبفضل عقول الشباب مجالاً واسعاً وفضاء رحباً يتبادل فيه الثوار المعلومات والخبرات والدعوات وحتى الأمنيات في وقت لم ينتبه الحكام إلى أن هذه الوسيلة ستكون هي المنفذ الأول لخروج مارد الثورات، لذلك يحاولون الآن عبثاً السيطرة على خدمة الأنترنت بقطعها حيناً أو التشويش عليها من حين لآخر ولكن كيف لحكام شبه أميين قضوا سنوات حكمهم مغلقين على أنفسهم أبواب قصورهم يتغير العالم من حولهم ويدور الزمن بهم وهم تائهون في عالمهم الخاص كيف لهم أن يجاروا الشباب في ميدان خبروه لسنوات, كانوا يرتادونه للهروب من واقعهم المرير فأصبحوا يستعملونه الآن لتغيير هذا الواقع بثوراتهم السلمية التي لم تكن بالتأكيد تخطر على بال من صنعوه أو من استوردوه .
إنهم الشباب إذن تفجرت طاقاتهم المكبوتة وظهرت معادن أخلاقهم الأصيلة التي دفنت طيلة عقود ظلماً وعدواناً فسبحان القائل (إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً).
 خاص إلى ثوار اليمن ....

استطعتم بجدارة تغيير ما كان مرسوماً عنكم في أذهان الآخرين من أنكم أناس غير متعلمين ولا تملكون الوعي الكافي لصنع ثورة نظيفة بل تملكون أسلحة قد تحولون بها الثورة إلى مجزرة إذا ما قامت فخاب ظنهم وأنتم اليوم تصنعون ثورة مختلفة تماماً, ثورة يمنية الصنع والمنشأ.
شيء واحد يشوه ملامح وجوهكم الثائرة ويلوث صورة الغد الجميل المرسوم على جباهكم المضيئة وهو القات فليتكم تصنعون ثورة خاصة ضده تبدأ من ميادين التغيير لتعم كل الوطن حين تبدأون برسم مستقبلة الجديد بإذن الله.
algohrah1020@hotmail.com