أنا لا أستطيع أن أخرج وأشارك في الاعتصامات، ليس لأنها عيب أو حرام -لا سمح الله- وإنما لعدم تمكني من ذلك نتيجة لظروف مرض والدتي، علماً بأن لدي من الأسباب ما تجعلني أخرج وإنني لأشعر بالفخر والاعتزاز عندما أرى نساء بلادي قد خرجن ليشاركن في الاعتصامات وينددن بالمجازر التي تحدث في ساحات الاعتصامات في الجمهورية، علماً بأن هناك عتاب في مسألة خروج المرأة إلى الاعتصامات.
وأنا أرى أن من خرجن إلى الساحات أولاً وقبل كل شيء لديهن دوافعهن الخاصة بهن للخروج وأيضاً لم يستطعن السكوت أمام تلك المجازر التي ترتكب بحق أبناء الشعب اليمني.
فعلى سبيل المثال هناك امرأة في بداية الثورة كنا نراها على قناة "سهيل" تقول: "نحن سئمناك.. إرحــــــل".. وليس هو من سئم السلطة، تلك المرأة الشابة لا أعرفها شخصياً، ولكني أعرف أسرتها فهي ابنة الشخصية المعروفة سلطان أمين القرشي، فوالدها مختفي منذ "33" عاماً..
"33" عاماً ينتظرون عودة والدهم إليهم ولم يعد؟ أليس من حقها أن تصرخ لتقول: "إرحــــــل لقد سئمناك".. نعم من حقها، لأنها عاشت وأسرتها الكريمة حالة من الظلم واليأس والحرمان من عطف الأبوة، ألاترون الآن خرجت هذه المرأة ولديها دافع لأجل التخلص من الإحساس بالقهر والظلم، الواقع عليها وعلى أسرتها.
وأنا على يقين بأن كثيرات هن مثلها لديهن دوافعهن، ومن هذا المنطلق أرى أنهن نساء يتحليّن بالشجاعة والجرأة على المواجهة ولا أملك أمام شجاعتهن تلك إلا أن انحني إجلالاً وتقديراً واحتراماً وأقول لهن لا تهتمين بأحد، وواصلن المشوار، فوجودكن في الساحة ضروري ومساعد.
وعلى فكرة هناك نساء لم يخرجن إلى الساحات ولكنهن يقدمن المساعدات من منازلهن للشباب، فهذا الأمر يزيد من عزيمة الشباب ويدفعهم نحو الاستمرار والمضي قدماً.
وعلى ذكر الشباب هناك من يرى أن هذه الثورة ليست ثورة شبابية، لذلك لا يجب أن يطلق عليها كذلك؟! والسبب في ذلك هو وجود رجال تجاوزت أعمارهم الأربعين خريفاً، وهناك من تجاوز الخمسين.. وأقول لهم من هنا: منذ متى يقاس عمر الإنسان بعدد السنوات؟!، فالعمر إحساس، فأحياناً ترى شاباً في عمر الزهور هرماً، محبطاً، وكأنه في الستين، في حين ترى عجوزاً في التسعين مرحاً، فرحاً، ممسكاً بالحياة، كأنه في العشرين، فسنوات الإنسان تقاس بإحساسه الداخلي.
وأنا على يقين أن هذه الثورة أشعلت روح الحماسة في روح أبناء الشعب اليمني وجعلتهم ينفضون عنهم الغبار ويحلمون بإزاحة الظلم الجاثم على صدورهم لعقود من الزمن وهاهم اليوم في الساحات يهتفون ويصرخون في وجه الظلم "إرحـــل.. إرحـــــل.. لقد أفقنا من سباتنا ولبسنا ثوب الحرية، ولن نعود أدراجنا حتى نحقق أهدافنا.. أهداف ثورة الشباب".
كروان عبد الهادي الشرجبي
نساء الحُرية.. 2184