ها هي الحالمة تنزف وتقدم أغلى أبنائها قرابين للثورة، شباب في أفضل سنين العمر يتساقطون يومياً، لا لذنب ارتكبوه سوى أنهم طالبوا بسقوط نظام فاسد تحكم في مقدرات البلد لـ"33" عاماً ، سلبهم كرامتهم وعزتهم، أفقدهم هويتهم، وجعل من بلدهم إقطاعية خاصة وحولهم إلى أتباع له ولأسرته.
مازن البذيجي و"17" شهيداً آخرين سقطوا في ساحة الحرية، لم يكونوا إرهابيين أو عملاء لأي دولة أجنبية، كما أنهم لم يرتكبوا أي جريمة في حق وطنهم أو أحد أبنائه ، وأجزم أن أياً منهم لم يحمل السلاح طوال حياته، فكل ما كانوا يحملونه هو حلمهم المشترك بمستقبل أفضل في وطن يعيشون فيه أحراراً رافعين رؤوسهم بكرامة وعزة، وطن يفخرون بانتمائهم إليه ويفخر بأنهم أبناؤه، هذا الحلم البسيط الجميل الذي حملوه معهم بكل سلمية وسلام إلى ميدان الحرية كان ذريعة النظام لقتلهم، فأي نظام هذا الذي يقتل حتى بسبب الحلم؟.
صدام الكهالي ورفيقه لم يكونا تاجري مخدرات أو عضوين في المافيا حتى تستهدفهم نيران قناصة النظام وهم على ظهر دراجتهم النارية وكل جرمهم أنهم صاحوا بأعلى صوتهم "إرحـــــل" لنظام فاسد مستبد لا يحترم القوانين ولا يعترف بسلطة غير سلطته ولا شرعية غير شرعيته، فهل صارت كلمة "أرحل" جريمة يعاقب عليها النظام بالإعدام الفوري وبدون محاكمة، حتى ولو كان قائلها على ظهر دراجة نارية؟ فأي رئيس هذا الذي يكابر على بقائه رئيساً لشعب يقول له بأعلى صوته الهادر "إرحــــــل لا نريدك"؟؟.
عرفات ورفاقه ممن سقطوا في جمعة "الثبات" لم يكونوا من قطاع الطرق أو ناهبي المال العام، بل كانوا شباباً بسطاء أزعجهم ما يقوم به النظام من تجهيل للشعب وتدمير لقيم التحضر والمدنية ونشر الفساد وتحريض فئات الشعب ضد بعضها البعض، أرادوا نظاماً ينقلهم إلى الألفية الثالثة وخرجوا بصدورهم العارية مطالبين بذلك ولم يدركوا أن عقوبة ذلك هي الموت قنصاً.
ما أبشع هذا النظام الذي بنى عرشه على جماجم أبناء الوطن ودعمه بأزمات مفتعلة وفتن وحروب داخلية وخارجية راح ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء اليمن، ولا يزال حتى يومنا هذا يهدد بالقنابل الموقوتة والحرب الأهلية وتقسيم اليمن إلى أربعة أقسام وكأنه لم يرتوي من الدماء التي سفكها طوال "33" عاماً.
ولكن الأبشع من هذا النظام هم من يبررون جرائمه ويضفون على مجازره صفات القدسية أحياناً والشرعية أحياناً أخرى، من يجيزون له قتل أبناء الوطن تحت مسميات الإرهاب والحفاظ على الوحدة الوطنية والشرعية الدستورية و...إلخ وما أكثر المسميات لديهم.
الأبشع من علي عبدالله صالح وأبنائه وأبناء أخيه أشخاص مثل حمود الصوفي، سلطان البركاني، أحمد الصوفي وعبده الجندي، وكثيرون غيرهم، وللأسف يدعون أنهم من أبناء تعز.
تعز التي قدمت أروع شبابها وقوداً للثورة تبرأ من هؤلاء وأمثالهم، وتعتذر لشهدائها ولكل شهداء هذه الثورة العظيمة في كل محافظات الوطن من ما يقوم به هؤلاء العاقون، وتعدهم بأن حسابهم سيكون عسيراً.
تعز التي وصل علي عبدالله صالح إلى الحكم بعد المجزرة التي أرتكبها ضد أبناء الحُجرية في 1978م تعدكم بأن المجازر التي يرتكبها صالح في حق أبنائها الآن ستكون نهاية نظامه بإذن الله.
بليغ المخلافي
ويستمر نزيف الدماء في الحالمة 1900