أطلق مجلس التعاون لدول الخليج العربي مبادرته تجاه اليمن الشقيق من باب الحرص على هذا البلد، على أمنه واستقراره ووحدته، وعلى مصلحة إنسانه الذي هو الثروة الأولى المطلوب الحفاظ عليها، ووضعها فوق كل اعتبار آخر، وفي وجه مخاطر عدة تتهدده إن استمر الحال على ما هو عليه .
وعندما يمد مجلس التعاون يده إلى اليمن الشقيق، فإنما ينطلق من قاعدة توفير المخرج اللائق، بعدما طالت الأزمة واستطالت، وصولاً إلى حل يراعي مصلحة اليمن ويمنع عنه أشباح الفتن والحروب الأهلية والتفتيت، وكذلك التدخلات التي تريد استغلال ما يجري لتعميم الفوضى في الوطن العربي، لمآرب لم تعد تخفى على أحد .
اليد الممدودة من قبل المبادرة الخليجية يجب أن تقابل بيد ممدودة وعقل منفتح ووعي خالص وحكمة يمانية لا بد منها في هذه الظروف المصيرية التي يمر بها اليمن، والتي لا يمكن لأي مخلص في اليمن وخارجه أن يرضى باستمرارها، لأن ذلك يعني تفاقم الأزمة، وربما تفجرها في اتجاهات لا تحمد عقباها .
وردود النظام الأولية على هذه المبادرة، من خلال الحديث عن ديمقراطية وما شابه، لا تصح في الحالة التي عاشها اليمن في السابق ويعيشها الآن، لأن تأبيد النظام والمشروعات التي كانت تطرح في هذا الشأن ليست من الديمقراطية في شيء، وكذلك إدارة الظهر للأصوات المرتفعة المنادية بالتغيير في ساحات التغيير، وأولاً وفي الأساس الدماء التي سالت حتى الآن، والتي قدمها الجمهور اليمني العريض ثمناً للتغيير المنشود .
اليمن يحتاج إلى تغيير، الشعب يريد ذلك، ونزل إلى الشارع من أجل تحقيق غايته، وحافظ بوعي وحكمة على تحركه السلمي على الرغم من القمع الدموي الذي تعرض له سواءً في صنعاء العاصمة، أم في غيرها من المدن والمحافظات اليمنية، والإنسان اليمني يستحق أن يحظى بالتغيير الذي ينشده .
وعندما يتحرك وسطاء الخير من واجب الجميع الإنصات لهم ومقابلة مبادرتهم بانفتاح، وليس بمعزوفات ممجوجة لا نتيجة لها سوى استمرار الأزمة وإدخال اليمن في نفق مظلم ليس من مصلحة أحد في الداخل والخارج السماح بالوقوع في أسره .