مما لا شك فيه أن كل أبناء شعبنا يحبون وطنهم ويحبون الخير له ويتمنون له كل ما يحقق الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار.
ومن غير المعقول أن يتمنى أحدنا غير هذا للوطن، ولكن ما نخشاه هو أن يصبح حب بعضنا لهذا الوطن أشبه بقول القائل "إن من الحب ما قتل"، الأمر الذي يدفع ببعض المحبين للوطن إلحاق الضرر به بسبب حبهم الأعمى والغير واعي أو الحب دون إدراك وحساب نتائجه وعواقبه، نلاحظ في الوقت الراهن أن الوطن أنقسم إلى قسمين مختلفين متخاصمين، وكلاهما لا شك يحب الوطن ويحرص عليه.
ولكن استمرار العداء والتخاصم لن يكون في مصلحة الوطن، وسيؤدي في النهاية إلى وقوع كارثة على الوطن وكل من فيه، وهو ما لا نتمناه لوطننا.
إن الإصرار على المواقف وتحكيم الرأي ورفض الرأي الآخر ورفض الحوار بين الأطراف المختلفة والمتخاصمة لن يأتي بخير على هذا الوطن وسيجر الوطن إلى فتنة إذا ما استمر كل على موقفه وأصر على رأيه دون تفكير أو مراعاة لمصلحة الوطن وتجنيبه ما يلحق الضرر به.
اليوم هناك مطالبون بإسقاط النظام وهناك مؤيدون له، استمرار كل طرف مع التأجيج لا شك يؤدي في النهاية إلى صدامات بين الطرفين، العلماء والحكماء وأصحاب المشورة والرأي المتزن والذين نعول عليهم القيام بدور يحقن دماء أبناء الشعب ويجنبهم الوقوع في الفتنة.. غاب دورهم ومعظمهم اختار له طرف يقف معه وفي صفه وهو ما زاد الطرفين إصرارا وتصميماً على مواقفه ومطالبه والتوقعات لا تبشر بخير إذا ما استمر الحال على ما هو عليه، واستمرار العلماء والعقلاء والحكماء في عدم رغبتهم البحث عن حلول ومخارج سلمية تجنب البلد شرور ومصائب الوقوع في الفتنة والتي ربما ومن المؤكد أن علماءنا وحكمائنا لم يفكروا أن الأمور قد تصل إلى ما لا يحمد عقباه ومن الواجب عليهم السعي إلى تهدئة الأوضاع وتهدئة الطرفين ونصحهم وتحذيرهم من الاستمرار في حماسهم الأعمى وتعصبهم الأعمى ومحاولة كل طرف إقصاء الآخر وإلغاءه ومصادرة رغباته، ولا نريد لعلمائنا أن يتخلوا عن هذا الواجب وهذا الدور وينضموا إلى أحد الطرفين، فيجد أفراد كل طرف من الأطراف المتخاصمة علماءاً يؤيدونهم ويؤيدون مواقفهم المتصلبة ويباركون لهم ذلك ويصدرون الفتاوى والخطب التي تزيدهم حماساً وإصراراً وتزيدهم حقداً وكرهاً كلاً منهم على الطرف الآخر والتي بدت آثارها ونتائجها بحدوث بعض الصدمات بين الطرفين في أماكن متفرقة قد يجتمعون فيها كوسائل النقل العامة أو الأسواق أو أي مكان قد يجمع بين بعض أفراد الطرفين، من المؤكد أن علماءنا عندما أصدروا فتاويهم لم يفكروا أو يتوقعوا أن الأمور قد تتفاقم وتصل إلى هذا الحد في التأزم وإلى أبعد من ذلك!.
ولو كانوا حسبوا لمثل هذا الأمر لكان أقل مواقفهم التي فعلوها هي السكوت والصمت مهما كان رأيهم بأن هذا الطرف على حق وذاك على باطل، لأن الأمور في النهاية ستصل إلى نتائج غير محمودة العواقب على الجميع من كل أبناء اليمن في الطرفين.
أيها العلماء: لم تعد القضية مجرد طرفين مختلفين واختلافهما لن يسبب أي ضرر ولن ينتج عنه أي مكروه، القضية وصلت إلى أكبر وأعظم مما ظننتم وتوقعتم عند اختيار طرف والانضمام إليه ضد الطرف الآخر، بالله عليكم، انزلوا للشوارع والأماكن العامة التي يجتمع فيها أفراد متحمسون من كلا الطرفين وانظرواً ماذا يحدث وما الذي يحصل بينهم وإلى أي حد وصل الحماس الأعمى بين الطرفين.
ليتني استطيع أن أعبر لكم وأشعركم بما أخشى وصولنا إليه، لن أبالغ إذا قلت بأنه لن يهدأ لي بال ولن يغمض لي جفن حتى تعود الأوضاع إلى طبيعتها والنفوس إلى تسامحها وتصافيها ومودتها، ليتني أستطيع جمعكم كي ألقي رسالة حاول كاتبها وما زال يحمل أضعاف أضعافها من الكلمات والنداءات والرجاءات والأمنيات أن يجنب الله على أيديكم وقوع وطننا وأبناء شعبنا في الفتنة وشرورها، لقد قلتها ورجائي لله أن تسمعوها وأسأل الله أن لا يخيب أملنا ورجائنا فيكم.
زايد منصور الجدري
أين دور علمائنا؟! 2036