ما ميز ثورة اليمن عن كل الثورات العربية هي أنها بقيادة امرأة.. توكل كرمان التي استطاعت أن تعتلي منبر الكرامة، لتُسمع صوتها في أرجاء وطن -شعبه غارقاً في غيبوبة الفساد والفقر والمرض والبطالة- فداعبت صرخاتها ضمائر الشباب الذين انتفضوا من أجل الوطن وهتفوا بإرادة وعزيمة لا للظلم لا للفساد..
حقيقة هذه المرأة تجعلني أشعر بالفخر لأنني أرى أمامي نموذجاً رائعاً أعاد لنا تاريخ الحضارة اليمنية التي دونت صفحتها امرأة حكمت اليمن بحكمة العقل وبلغة الحوار والتشاور، فجعلت من قومها أفلح قوم وهاهي اليوم حفيدة بلقيس تُعيد حضارة المرأة اليمنية، التي كادت أن تختفي معالمها بتلك الأفكار المشوبة التي دائماً تقصي وجود المرأة في الحياة، وخصوصاً في الجانب السياسي وتحصر ثقافتها في مجالات معينة، لكبت طاقتها وتقييد إبداعها.. لتثبت بأن المرأة اليمنية مازالت قوية الفكر والمنطق والعقيدة..
فتوكل كرمان امرأة حديدية بأفكارها التي هزت عرش صالح وهزت اليمن بأكمله، فأيقضتنا من سباتنا وزرعت بداخلنا التفاؤل بذلك المستقبل الأفضل الذي كان يوماً مجرد شعار يردده السلطان وتصفق له إرادتنا الضعيفة التي كانت تكتفي بالتمني، أما الآن فقد تعلمنا من توكل كيف نحلم ونسعى لتحقيقه بإرادة قوية تكبُر أحلامنا.
فاليوم شباب اليمن أثبت للعالم بأن اليمنيين ليسوا متخلفين، فحكمة شعب اليمن الذي وصفه بها الرسول الكريم فطرية لا تحتاج إلى شهادة أو مؤهل، وخير دليل تعاونهم وتلاحمهم وصمودهم من أجل الوطن وليس من أجل الحزبية أو القبلية، فجميعهم يهتفون بصوت واحد وهو صوت الوطن.. فأفتح أيها الغد صفحة جديدة لحضارة يمنية رائعة سطرتها امرأة بثورة شباب نادوا بتغيير الحياة بمختلف جوانبها، فهي لم تكن ثورة سياسية وحسب وإنما ثورة اجتماعية جعلت من الشعب اليمني جميعاً رجالاً ونساءً أسرة واحدة يجمعهم الحب والاحترام وحب الوطن..
فما أجمل الطابع الحضاري لهذه الثورة، الذي قضت على تلك الأفكار المبنية على العادات والتقاليد التي تستنكر وجود المرأة في مثل هذه الأماكن، لتبقى فقط تلك الأفكار النيرة التي يحملها رجال ينبض قلوبهم بالإيمان وعقولهم بالحكمة.
* بقايا حبر:
اعذريني سيدتي فقد عجز قلمي أن يصل إلى سمو مكانك.... ليُقبل جبينك الذي أصبح عنواناً لكرامة وطن.
naaemalkoulidi23@hotmail.com