يبدو أن ثوره الشباب تمر بمنعطف شديد الخطورة ، قد يأخذ أحلامنا إلى هاوية المكر الذي تُحكَم به البلد منذ زمن موغل "بالفساد" ما لم يتدارك الساسة الذين يتفاوضون عن الشباب ــ بلا بيعه ــ لحظة وقوفهم على مشارف السقوط فيعملوا على صلب هاماتهم المترنحة أمام أعاصير كيد النظام ورأسه.

إن الرئيس اليوم قد أثبت وبما لا يدع مجالاً للشك أن الشعب الذي يخاطبه على مدار الــ33عاماً ليس مجموع الأفراد الذين ينتمون إلى تربة الوطن, وإنما ـ فقط ـ من يؤمنون بوجوده الأبدي على كرسي الحكم ويكفرون بما دون ذلك، بدليل إصراره في الأيام القلية الماضية وإن كان يلفظ آخر أنفاسه في رئة الكرسي على المحافظة على رفاق دربه المنضويين في منظومته المؤتمرية وحجز أماكن لتواجدهم في الحكومات القادمة دون أن يعر بقية شعبه أدنى اهتمام.  

لم يكن أحدنا ليدرك ذلك الصلف الذي يتعامل به الحزب الحاكم مع الآخر لولا ثوره الشباب المجيدة التي عرته وجعلت المواطن يرى بأم عينه كيف أن هذا الحزب يستميت "صقوره" عن أن يتركوا الشعب يتنسم عبق الحرية ويتنعم بألق ثورة تزيح عن كاهله رموز الفساد، الذين عبثوا على مدار ثلث قرن من الزمن بمقدرات الوطن وتقاسموا ثرواته ونكلوا بأهله وسحلوا حقوقهم في الشوارع الخانعة .

لقد كان الحاكم قاب قوسين أو أدنى من الرحيل غير أن "محمد قحطان" أراد أن يطلق عليه رصاصه الرحمة.. فأطلق بارود الاستنهاض الذي حشد كل تلك الجماهير التي أعادت للحاكم أنفاسه بعد أن كانت غادرته عن قناعه و إصرار، ولو أن سالف الذكر المنتشي برغبة التشفي أسكن لسانه حنكه ولم يستفز مشاعر العامة بتصريحه الخالي من الكياسة أو الحصافة التي نعته الرئيس بها, إضافة إلى مسبحة حميد التي لوح بها من على كرسيه المثقل بالقبلية والمفخخ بخطابه المتهور, لكان حيداناً عن هذا المسار الذي بات الحاكم يجر الوطن إلى أقبيته السحيقة, ولكانت البلاد في غنى عن تلك المفاوضات التي يرسم خارطتها الأجنبي ويشكل طريقها حسب مقاس الرسم الذي يتوافق مع سياساته المعدة سلفاً.

 ولكن يبدو أن هذا قدرنا مع الثورات في اليمن, كلما لاحت في الأفق ثورة عتيدة جاء سهم طائش بالليل يسقطها أسيرة.

*ومضة*

تحدثت بعض الصحف عن نية الدكتور/ ياسين سعيد نعمان العزوف عن رسم ملامح مستقبل اليمن الجديد.. إن كان ذلك صحيحاً فستخسر الثورة قامة سياسية فارعة, وضوء فكر متقد, وقيادي نخبوي متفرد..