إلى ما قبل إحراق "البوعزيزي" جسده في تونس الشقيقة، كانت الدنيا هدوء وحكّامنا ينعمون بالأمن وراحة البال وشعوبهم أيضاً تغط في نوم عميق رغم كل المعاناة التي يعيشونها واحتراق جسد ذاك الشاب الذي أضاء للشعوب دربها وجعلها تصحو على أصوات الشعب التونسي بقية الشعوب العربية ...
فبعد تونس وبعد رحيل (بوعلي) رحل حسني مبارك ومروراً باليمن ولا ننسى ليبيا وحاكمها (المهووس بالقتل) ونهاية بسوريا و مازال البقية بانتظار أدوارهم...
ألا تعني هذه الجازعة شيئاً لحكّامنا العرب وماذا ينتظرون حتى تتحرك مبادراتهم وروح المسؤولية عندهم ...
أينتظرون (بوعزيزي) آخر يُحرق جسده أم ينتظرون حتى يرون الأرض مرتوية بدماء الشعوب كما يفعل – القذافي – دون رحمة أو تفكير ...أو ينتظرون خروج الشعب للشارع رافعين إصبعين (النصر أو الشهادة ) بوجوه كاميرات الفضائيات، مطالبين بالحرية وإسقاط النظام ورحيله؟.
أليس الأجدر بالحاكم أن يبحث عن المشكلة ويحتويها ويعالجها سريعاً قبل أن يستيقظ شعبه بدلاً من (الدعممة) حينما يرى جاره الحاكم الفلاني شعبه يبغضه ويطالب برحيله بعد سنوات من المرارة وحينما يأتي الدور عليه أول شيء يفعله هو أن يحد شفرته ويُمزّق أواصر الشعب الواحد ومن ثم يطلق المبادرات واحدة تلو الأخرى في الوقت الحرج بعدما فقدت الثقة بين الحاكم وشعبه وبعد إراقة الدماء الطاهرة ...
أين كانت هذه المبادرات والخطوات قبلما يحرق "بوعزيزي" جسده وقبل أن يلتهب الشارع العربي وأين كانت أنظار حكامنا قبلها ...صح النوم يا حكّامنا العرب...
بالضرورة منكم الاعتراف بأنكم مقصرون كثيراً بحق شعوبكم وإلا لما وجدتم صوت واحد يصرخ (ارحل)...ومتخاذلين جداً في نصرة قضاياهم فمتى تصحو ضمائركم قبلما تصحو بصائركم؟؟؟
شعوبنا اليوم تصحو وحكّامنا يكابرون ومتمسكون بالكرسي والوطن وحده من يصرخ وحبات العقد تنفرط، فمهما كانت التضحيات التي يقدمها حكامنا بعد دوي أصوات النار فلن تكون ذات جدوى مثلما لو كانت قبل هذا التوقيت.. عليهم فقط أن يعرفوا – يقيناً- وليس عابراً أن الشعوب قد صحت ورأت أمامها صورة واضحة أو طريق مشروع لاسترداد حقوقها المسلوبة بدلاً من الرضوخ للمعاناة والظلم بأفواه مكممة بفوهات البنادق...
الشعوب العربية واحدة تلو الأخرى تستيقظ وتهب لتخلع الظلم عن شرفات بلدانها والحاكم العربي مازال بعزة نفسه التي لا تسمح له ولو لمرة بحياته أن يحترم إرادة شعبه هذا من جهة، أما من جهة أخرى.. لماذا يرغمون الثورات على التشابه في التقليد في حين أننا لا نرى رحيل حسني مبارك تقليد لجاره بوعلي، لماذا لا يكون هذا كله استيقاظ بعد ضربات موجعة منهم للشعوب وليس تقليداً..
ولماذا لا تلتفت الحكومة لمطالب الشعوب قبلما تصل رائحة الثورات إلى بلدانها؟؟
لا أتمنى أن أورد كلمة (لو) في كلامي، فإنها تفتح عمل الشيطان، كما قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم ولكني أجزم أن حكّامنا لم يكن يصل بهما، لأمر إلى هذا الوضع لو لم يكونوا نائمين عن شعوبهم وسيكون رحليهم اليوم حقناً للدماء هو احتراماً لشعوبهم الهائجة بعد طول سبات...
فليسلم الله بلدنا من كل شر ويلهم حكامنا الرشاد قبل فوات الأوان.
أحلام المقالح
صحوا النوم يا حكّامنا 2091