كثيرة هي الكلمات المغناة التي لها ارتباط بالإرث الثقافي الوجداني بالمكان ، ومن تلك الأغنيات ما ارتبط منها بالبحر أو البساتين أو الصحراء لما للبيئة من تأثير على قريحة الشاعر . وقد ارتبط الغزل في بيئتنا المحلية بكثير من مفرداتها المادية، مثل الفل وأسماء المناطق ومفاتن المرأة ومن أبرز تلك الأغنيات، أغنية عذبة للفنان محمد محسن عطروش تقول كلماتها:
" رحنا إلى البندر في شهر نيسان نشتي نبيع الفل لكل ولهان
جوّب عليّ أهيف من شبك روشان
أهديت أنا بالفل من غير اثمان
روحت أنا والقلب في الشيخ عثمان "
أما الفنان الراحل فيصل علوي له اغان قمندانية كثيرة عن الفل لارتباطه كفنان بالأرض اللحجية ومن تلك الكلمات التي غناها:
يا ورد ياكادي يافل يانادي
قل ليالي الوصل شي باتعود؟
وأغنية يافل ياعود ماء وردي ونرجس
والفنان الكبير عوض أحمد الذي تغنى هو الآخر بالورد صادحا:
" يا ورد يافل ياكادي.. يا كادي و يا ورد أحمر
قل للحبيب هل نسي وعده أو بس تأخر؟ "
ومن كلمات القمندان غنى الفنان الراحل طه فارع:
بين (الرماده )و(الحسيني) فاح عرف الفل والكادي والبشام.
ومن اكثر الزهور ارتباط بالفل الى حد التوأمة. الورد تلك التوأمة التي ارتبطت بالشغف والحب حيث خلد تلك العلاقة الفنان الكبير محمد مرشد ناجي الذي تغنى عبر أغنية حوارية بين الفل والورد داعية الصيت يرد فيها الفل على الورد قائلا:
جوب الفل قال الفن لي والتفنان نشوتي ليل داني
مسكني في خدود البيض من جنب الأذان يشهدولي الغواني
أنت يا ورد يا احمر ليس في الحمر إحسان خل عنك التماني
شوف أنا مكتسي طول الزمان وأنت عريان فوقك الشوك باني
كم يقع للذي يجناك في اليوم أكوان يصبح الدم حامي
جوب الورد قال الصيت لي عند رضوان وعند حور الحسان
أنت يافل مرمي يد عسك كل شيطان في الكداديف غاني
بعد ما تنجح السمرة يخلوك مهتان ينذقوك يوم ثاني
جوب الفل قال الآن ياورد نيسان بايقع لي أماني
خلنا نصطلح نبقى أنا وأنت إخوان بايقع لي ضمين (الشاذلي) و(ابن علوان) لايخينو ضماني
ذا جرى بينهم ابن الحسين بات سهران لاقريب الأذان.
نجد في تلك الأغنيات التي عنوانها الكبير الفل والورد والحب والغزل ما ارتبط منها بمعالم المكان الثقافية مثل اسماء كبار الصوفية مثل، الشيخ ابن علوان ومفاتن المرأة، مثل الخدود وكذا مناجاة الشاعر الفل حينما يتأخر المحبوب وغيرها من المشاعر المتدفقة في حضرة الفل والورد والكادي وغنج المحبوب، الكثير مما يجعلنا نستحضر القمندان وعلاقته ببستان الحسيني وجنة المحبين المدمنين للحب.. وفي مقال كهذا كتبته في ظروفنا الحالية التي يشوبها القلق والتوتروجدت نفسي في واحة استرحت فيها من هجير أيامنا السريعة الأحداث، أدعو القارئ للهروب والاستراحة من واقع كهذا مازال فيه الفل متواجد حتى في ساحات التغيير ليعبر عن الحب في زمن الكراهية.
أمل عياش
الفل في زمن التغيير 5063