على مدى سنوات كانت أحزاب اللقاء المشترك تتلهف للحصول على مبادرة رئاسية تتيح لها استعراض عضلاتها وتشعرها أنها ما زالت أحزاباً تمثل رقماً يعتد به في الواقع السياسي اليمني, حتى وإن كان الرئيس يلوح أمامهم بأحزاب التحالف إغاظة ليس إلا.
اليوم المشترك رقم صعب أو هكذا يتخيل, ولما لا والمؤتمر نفسه والرئيس نفسه نفخوا في القربة المخرومة للمشترك، حتى بدت أكبر حجماً من طبيعتها، حيث حشر المؤتمر في هذه القربة مئات الآلاف من الشباب المعتصمين في ساحات الثورة والتغيير في كل محافظات الجمهورية.
لكن المشترك صار اليوم مزهواً بنفسه أكثر إلى درجة أن الناطق الرسمي للمشترك وهو من حزب الإصلاح تحرك مسرعاً هذه المرة في محاولة سلب الشباب ثورتهم بدعوتهم إلى ما أسماه جمعة "الزحف"!.
 لست أدري متى صار الإصلاح هو من يقود الثورة الشبابية هذه، ومتى سلم الشباب في ميادين التغيير القيادة للأحزاب أو للقاء المشترك حتى يقودون الثورة اقتياداً لتحقيق أهدافهم، التي وقفوا عاجزين عن تحقيقها طوال "22" عاماً منذ بدء التعددية السياسية في البلاد.
لا لست أعترض على وجود اللقاء المشترك ولكن مرحباً باللقاء المشترك ثائراً من الثوار وجندياً من جنود التغيير في اليمن, بعيداً عن فرض مسمياته وتمرير دعواته على الثورة وصانعيها، بعيداً عن التحاذق والتذاكي السياسي وإلهاب حماس الآخرين والدفع بهم لصنع ثورة مضادة تجهض الثورة الحالية وحقيقتها بعدما حققته من المجد والنصر وما قدمته من الصمود والدماء.
لا لزحف الثعابين على ثورة ولدت لتكون شامخة وثوار وجدوا لصنع ملاحم العبور وليس زحف الثعابين.. لا لـ"جمعة الزحف" والأكفان، فكل شباب الثورة الذين أوجدوها سلمية وجعلوها سلمية وأرادوها سلمية لم يخرجوا للموت وإنما للحياة.. وإن واجههم الموت، فهم لا يهربون، فليس من الموت مفر.
أن يزحف الشباب ويتسلق الشيوخ، فهذا شيء مرفوض.. مرفوض.. مرفوض، وأن يجر الشباب نحو الزحف بدعوة من حزب أو جماعة خارج الإطار الشبابي للثورة، فهذا يؤكد أن الثورة بحاجة إلى إعادة مراجعة داخلية وغسل سريع وعاجل لكل أدران النشوة والغرور, وكونوا على حذر من أن يجركم الزاحفون بعيداً عن العقل وبعيداً عن الهدف، فثمة آخرون سيزحفون في اتجاهكم في محاولة لتوريط من وعد بحمايتكم.