تكتظ لحظات الحياة بالأحداث فتسرق منا لحظات الانتظار، فعلى غير التفات وجدتُ نفسي أمام يوم يعني لي الكثير ولا أعني له شيئاً ...
يوم أحتفل فيه مع نبض حياتي وسر وجودي (أمي ) في عيدها السنوي ...
وفي كل عام أبحث بين أغراضها عن شيءٍ ما ينقصها لأهديها إياه علّني أرسم في شفتيها ما يروي ظمأي من الفرح لأشهر قارسة ولكن هذا العام جاءها عيدها استثنائياً وبحُلة سوداء ...
وجدتها مُلبدة بتناهيد الحُزن تسرد دموع الأسى وتلفظ القليل..
هناك أمهات غيري بلباس أسود في هذا اليوم فأين لي أن أفرح يا ابنتي ؟؟!!
نحن الأمهات بروح واحدة وإن كانت قلوبنا شتى لا شيء يواسيني اليوم سوى أن أرى غيري يبتسم من عمق الحُزن ...
وجدتُ نفسي أمام تحقيق شيء صعب فماذا عساني أن أفعل لأرسم البسمة على ملامح أمهاتي جميعاً ...
حملتُ نفسي وهي مثقلة بالهموم ونثرتُ على سطور أوراقي كل ما يصول ويجول في خوالجي ولم أستطع بوحه وكتبتُ رسالة إلى أمي :::
أمي أي مقدّمةٍ، تليقُ بحضوركِ.. أمي جيوبي فَارغةٌ مِن الكَلمات، وَأحرفي مكبلّةٌ أمامَ عَظَمتَكِ، وَعطائكِ، ويَنابيعُ عطفكِ التي لا تَنضُبْ.. فماذا عَساني أقول بـتسعَةٍ وَعشرينَ حرفاً من أحرفِ اللغة العربيّة، وَكلّ مفرداتِ اللغةِ لا ترادفُ معنىً واحداً مِن معاني حروفِ اسمكِ..
ألفُ الإحسانِ في (أمي)، ميمُ المحَبّةُ والمودّةُ، وَياءُ يُتمي في بُعدكِ...
حينَ كنتُ طفلةً، وَما زلتُ..
غَنيتِ لي، وَهللّتِ، وزرعتِ في كَفيّ بذورَ يَاسمينِ الحبِّ، وَرَبتِّ على حزني، وَنشّفتِ دَمعي، وَكنتِ قنديلي في صَقيعِ العَتمَةِ.. فكيفَ يضيءُ قنديلي الصغيرُ دَربَكِ، وَأنت يا أمي مبعثُ الضوءِ في وجودي ، وَأنتِ المَشرقُ ...
أمي..
لا يسعني سوى أن أرفعُ قبّعتي تحيّةً، وَأنحني بهَامتي لشموخِ قلبكِ، وَعظيمِ حَنانكِ.. وَأقبّلَ الكفّ التي فَاض منهَا عَطاؤكِ.. وَأطلبَ منكِ المغفرة..
فاعذري نكراني، وَشحيح عَطائي،
وَسامحي جفائي، وكبريائي..
لم يبقَ لدّي شيئ سوى أن أقولَ لكِ.. شكراً..
شكراً أمي... شكراً لأنكِ أمي......
كل عام وأنتي أسعد ونحن إليكِ أقرب ...
وكل أمهات العالم وأبنائهن بأفضل حال..
أحلام المقالح
أمي وعيدها الاستثنائي 1945