مع تمسكي وإيماني العميق بشرعية المطالب التي أرددها ويرددها كل غيور على هذا الوطن والمتطلع إلى الحرية والكرامة، والتي لم تعد اليوم من المحظورات أو المحرمات، فقد غزت مسامع من أبي إلا أن يصم سمعه عن الحقيقة، ووصلت إلى أعتى الحصون والقصور البعيدة، لتكسر القيود والأغلال التي غللنا بها النظام على مدى "33" عاماً لنخرج عن طاعته الإجبارية "العبودية" ونعلن زوال مملكته الاستبدادية.
ومع هذا فإني اليوم أقدم لفخامته شكري وتقديري لما قدمه لهذه الثورة من خدمة عظيمة، فمع عناده المستمر وتمسكه بالسلطة وتصادمه مع مطالب الشباب المعتصمين لم يكن إلا خادماً لهذه الثورة وقد حقق لها مكسباً من مكاسبها العظيمة والتي لم تكن لتتحقق لولا تصرفاته الغير مقصودة لخدمتها.
ففي كل مرة يعلن الرئيس فيها تمسكه وبقاءه في السلطة وتقديمه لمبادرات تحتضر لا تلامس الواقع، وبعد سلسلة الاتهامات التي أراد أن يطوق بها هؤلاء الشباب الأحرار، ومع كل ردع وقمع عنيف وبلطجي والذي أنتهجه نظامه في مواجهة المظاهرات والاعتصامات السلمية بإسقاطه كانت جميعها كفيلة بأن تعمل على تنظيم هؤلاء الشباب وبلورة مطالبهم في أطر قانونية ودستورية جعلتها مشروعة ومعترف بها ليسقط كل من ينتقص من شرعيتها ومشروعيتها ما بالك بمن كان يهدف إلى إجهاضها.
لقد عملت يا فخامة الرئيس على نضج الوعي السياسي لدى هؤلاء الشباب المعتصمين بل وحشدّت إلى صفوهم الأكاديميين والسياسيين والمفكرين والمثقفين والإعلاميين والأطباء والقبائل والمعارضة، حتى أن دعوات الانفصال قد خفتت في زخم هذه المظاهرات وكثيرون لم يكونوا مع هؤلاء في الأيام الأولى للاعتصام وممن كانوا يتخوفون من الانضمام إليها اليوم وبالنظر إلى من ينتسب إلى هذه الاعتصامات وعدد الضحايا التي تسقط يدرك تماماً بأن المصلحة العامة والواجب الوطني يتطلب من كل عاقل وشريف وغيور أن ينضم لهذه الاعتصمامات.
بفضلك يا فخامة الرئيس وبفضل خطاباتك وسقوط الضحايا "الشهداء" اكتسبت هذه الثورة تأييداً شعبياً وحظيت بقاعدة كبيرة من ذوي الكفاءة والنزاهة وأعطيتها زخماً حقيقياً ووعياً سياسياً تنظيماً يطمئن كل من لازال يتصارع مع أكاذيب أعلامك الزائف والإشاعات الهدامة فينضم لهؤلاء دون أدنى تفكير وباقتناع، ولو كنت استجبت لمطالبهم قبل اليوم لكانت اليمن عاشت في فرقة وتشتت وفوضى وفراغ سياسي مميت، لكنك مشكوراً وبدون قصد خدمت هذه الثورة، ولهذا أقدم لك شكري وتقديري وأقول كفى، قد خدمت، لقد كفيت ووفيت ومازال مطلبنا قائماً وهو "الشعب يريد إسقاط النظام".
بشرى عبدالله
شكراً يا فخامة الرئيس 1583