من حق الصحفي والكاتب أو الناقد أن يحلم ويعبر عن أحلامه بحرية مطلقة، فهو لا يملك غير هذه الأحلام العزلاء، لكن المشكلة أن الأغلال تحيط به من كل جانب وتحاصره بالمداهمات والشكوك والاتهامات الحائرة ولا يلبث الجلادون الذين يلبسون أقنعة القضاة أن يتهموا الصحفيين والكتاب بالعمالة للأجنبي والمتاجرة بمستقبل الوطن ومصير أبنائه.
انظروا كيف هو تسامح الدين الحنيف إزاء موقف الإنسان من خالقه: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وأعمدة النظام العربي الاستبدادي لا يسمحون حتى بالسؤال وإبداء الملاحظة، فكيف باقتراف جريمة الارتياب والانتقاد والمساءلة؟.
إن المقولة القديمة القائلة أن العبيد لا يخسرون في ثورتهم سوى أغلالهم ، تثبت من جديد مصداقيتها، وتؤكد ثورة الجماهير المسكونة بعشق الحرية في ميادين التغيير بصنعاء وتعز ، إنها الشعار المثالي الحكيم لتحقيق الآمال في العدل والمواطنة والمساواة.
يلاحظ الكثير من المتابعين للأوضاع في اليمن أن النظام الحاكم في اليمن فقد توازنه وبدأ يتخبط، ويظهر ذلك من خلال إقالة بعض الوزراء والمحافظين.. حيث يتضح جلياً أن النظام ليس لديه قيادات صف أول وصف ثاني وصف ثالث، فهو ينقل تلك الوجوه الكالحة تارة يمين وتارة شمال، فإعادة "عباد" إلى وزارة الأوقاف بعد خروجه منها على ذمة قضايا فساد خير دليل على ما نقول.
النظام الحاكم يثبت لنا بهذا التخبط أنه لم يعد كوادر نزيهة خلال العقود الماضية ودليل آخر على تخبطه ما تقوم به قوات من الأمن المركزي ووحدات من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة مع مئات من البلطجية لتنفيذ هجوم متوقع على الشباب المعتصمين في ساحة التغيير صنعاء ، حيث الأمر لا يستدعي إقحام الحرس الجمهوري والجيش بهذه المهام إلا في حالة الطوارئ عندما يعطل العمل بالدستور.
إن تلك القوات المعززة بمدرعات ومصفحات عسكرية أغلقت معظم مداخل ساحة التغيير، بينما قام مسؤولون في الحزب الحاكم بحشد بلاطجة مسلحة إلى قرب مداخل الساحة لتنفيذ هجوم محتمل لإنهاء الاعتصام.. ونقول إن إنهاء الاعتصام يأتي من خلال الاستجابة لمطالب المعتصمين وليس عبر سياسة الحديد والنار.
إن الصور التي بثتها قناة الجزيرة للأحداث الماضية تم تسجيلها في وقت لاحق وهو الأمر الذي يجعلنا نفهم أن الطواقم الإخبارية لا يتواجدون في قلب الحدث وإنما يقومون بتلفيق صور شبيه لما حدث.. والمطلوب من الجزيرة أن تعمل على تغيير طواقمها ولو بمراسلين من الخارج لأن من ينقلون الأحداث الآن تربطهم بالنظام مصالح وحسابات لا داعي لسردها الآن.
قد لاحظنا إن قيادات في الحزب الحاكم تجمع أنصارها في كل دوائر العاصمة، وعدداً كبيراً من البلاطجة والمجرمين وأرباب السوابق وآخرين من المغرر بهم والمرتزقة وتعدهم لتنفيذ هجوم على ميدان التغيير بصنعاء وإن الخطة تشمل مهاجمة الساحة بالسلاح والعصي والهراوات وأن هناك نية لحرق خيام المعتصمين من خلال زجاجات حارقة ينوون استخدامها.. وهذا ما سيدخل البلاد في منعطف خطير.
عبدالمجيد السامعي
منعطف خطير 2012