واقع الوطن اليوم لا يسر صديقاً ولا عدواً، ولا تبشر التقلبات التي يمر بها بالخير والاطمئنان، بل تنذر الاحتقانات والاختناقات التي تعصف به بعاصفة هوجاء ستقتلع في طريقها كل شيء ولن تبقي ولن تذر، فهكذا هو حال الفتن والمحن.
وكل هذا حتماً لا يصب في مصلحة الوطن، بل سيضر به وبشعبه وسيدخله في منزلق خطير يستحيل الخروج منه، فالمحن التي يجابهها الوطن ذات طابع غامض لا يمكن فك "تشفيرها" ولا يمكن قراءة طلاسمها لأنها غامضة الملامح والمعالم، ولم تتضح توجهاتها وسياساتها، فكلها تدعي المصلحة وكلها تريد أن تضع نهجاً وسياسة خاصة بها تواكب مطالب الوطن، حتى تأرجح الوطن بين الأكف والتيارات التي تهدف من خلال رؤاها وخططها لأن تخرج بها البلاد من الأزمة والمتاهة وتقلبات الزمن كما يقولون والسمو به عالياً في فضاءات الرفاهية والرقي.. فولد هذا التضارب والتناقض في النهج السياسي بيئة خصبة للفساد والمفسدين ليعيثوا فساداً بالوطن والمواطن.
الواقع كما أسلفنا لا يحتمل المزيد من المشاكل ولا يحتمل أن نصب الزيت على النار ونؤججها أكثر مما هي عليه، لأنها ستأتي على الأخضر واليابس وستبيد الزرع والضرع، وستزيد طين واقعنا بلة وستتسع هوة الخلافات والخصامات بين الأطراف المتنازعة في الوطن وسيوصل هذا الحال الوطن إلى مفترق طرق يستحيل أن نجد لها حلولاً أو مخارج.
الوطن اليوم بحاجة للخيريين من أبنائه والخائفين على مصالحه وكيانه.. الوطن اليوم يتطلب منا أن نتنازل عن كل أهدافنا ومآربنا وأن نضحي بالغالي والنفيس من أجله، وأن نضع نصب أعيننا مصلحة الوطن وازدهاره ورخائه بعيداً عن المصالح الذاتية بعيداً عن سياسة الاحتراب والقتل والتخريب.
الوطن اليوم بواقعه المزري والمخيف يترقب وينتظر من ساداته وكبرائه أن يتخذوا منحى مغايراً للسياسيات السابقة وأن يقدموا كلما في وسعهم لاحتواء الأزمة فيه.. الوطن اليوم ليس بحاجة لإراقة الدماء، وليس بحاجة لكباش فداء، وليس بحاجة لإهدار الكرامات.
الوطن يريد أن يصنع أهله وشعبه تاريخه وأن يخطوا على صفحات الزمن حكايته..
اليمن اليوم إن لم يتكاتف أبناؤه وتتظافر جهود ساداته، فستحل نقمة ستودي بحياته في المحن، هي الفيروس الذي استشرى واستفحل في جسده وإن لم نستأصله، فلا محالة سنتكبد العناء وسيحل بنا البلاء.. اليمن اليوم أيها الشرفاء أحوج للفعل منه للقول، وأحوج للصدق منه للنفاق والمداراة والضحك على الذقون.. إذن فلنسع لصلاحه ورخائه ولنجنبه الفتن والمحن التي تعصف بكيانه.
فهد علي البرشاء
محن تعصف بكيان اليمن 1731