"تحتاج اليمن 6 مليار دولار لتلبية مطالب المحتجين " تصريحات رسمية جاد بها وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي مؤخراً والمبلغ يعادل1 تريليون و283 مليار و100 مليون ريال يمني وذلك بحسب سعر صرف الدولار حالياً، بمعنى أن الحكومة اليمنية تحتاج اليوم إلى نفس موازنة الدولة للعام الجاري بفارق 2 مليار دولار لمواجهة الأزمة التي وضعت نفسها فيها بكل استهتار بعد سبع جولات من حرب امتدت سبعة أعوام في محافظة صعدة استهلكت نحو 2مليار دولار .وعلى الرغم من ذلك فإن الخبير الاقتصادي سعد الورد، وهو بالمناسبة مستشار وزير المالية، يؤكد في حديث صحفي نشر قبل أيام في أسبوعية إيلاف عدم وجود توجه حقيقي لدى الحكومة لإصلاح الأوضاع الاقتصادية والسياسية أو التخفيف من آثارها الضارة .وعلى الرغم من ذلك تأتي التوجيهات الرئاسية في طريق معالجة جزئية للأوضاع الاقتصادية تمثلت في إطلاق المرحلة الثالثة من استراتيجية الأجور والمرتبات والعلاوات السنوية وتوظيف 60 ألف خريج جامعي واعتماد 500 ألف حالة ضمان اجتماعي سيترتب عليها بحسب تأكيد وزير المالية نعمان الصهيبي"أمام مجلس النواب" تحميل الموازنة العامة للدولة لهذا العام مبلغاً إضافياً يبلغ 249 مليارا و413 مليون ريال" أي 1مليار و166 مليون و298 ألف و807دولار تقريبا تتوزع 113 مليار و991 مليون ريال لتغطية استراتيجية الأجور والمرتبات في مرحلتها الثالثة و 87 مليار و94 مليون ريال لتغطية العلاوات السنوية فيما تستحوذ مستحقات اعتماد 500 ألف حالة ضمان اجتماعي جديدة على مبلغ 22 مليار ريال..
وعلى نفس السياق فإن توفير 50 ألف درجة وظيفية بمعدل 25 بالمائة من خريجي الجامعات سيكلف الموازنة مبلغ 26 مليارا و365مليون ريال تقريباً .كل هذا يعني أن نسبة عجز الموازنة الحالية وصلت حالياً وقبل مرور الربع الأول للعام الجاري إلى 12,5 بالمائة تقريباً على افتراض أن الموازنة تبلغ 8 مليارات و 516 مليون دولار تقريبا. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو من أين ستغطي الحكومة اليمنية هذا العجز وكيف ستواجه هذا الاعتماد الإضافي بالإضافة إلى العجز الذي توقعته الحكومة سلفاً عند تقديمها مشروع الموازنة إلى مجلس النواب، خصوصاً وأن هذا العجز يفوق الحدود الآمنة، وسيكون له آثار خطيرة على الوطن ؟ولعل هنا مكمن المشكلة في ظل معطيات تشير بوضوح إلى أن الحكومة ستتخذ أسهل طريق للحصول على الموارد، وهذا الطريق لن يكون عدا اللجوء إلى رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وهذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي ومستشار وزير المالية سعد الورد حيث يقول إن "الحكومة تبحث عن أسهل الطرق للحصول على الموارد برفع الدعم عن المشتقات النفطية الذي يعد أسهل ما يمكن فعله " .وبالمقارنة مع تصرف الحكومة في تغطية الاعتماد الإضافي للعام الماضي2010م فقد لجأت إلى رفع جزء من الدعم عن المشتقات النفطية كتوجه ليبرالي صرف يحمّل السواد الأعظم من الشعب أعباء ذلك الاعتماد الإضافي إضافة إلى لجوئها إلى فرض ضرائب غير مباشرة تمثلت بطباعة فئة نقدية جديدة من العملة اليمنية فئة الـ 250 ريال إلى جانب طبع المليارات من الفئات النقدية المختلفة للعملة اليمنية الأمر الذي نجم عنه زيادة في الأسعار وتهاوي قيمة الريال الذي فقد نحو 20 بالمائة من قيمته الشرائية . بالنظر إلى موازنة الدولة للعام الجاري 2011 م والمقدرة بـ1 تريليون و821 مليار ريال تقريبا بنقص نسبته 28 بالمائة عن موازنة العام 2010م جاء من خلال تقليص غير مدروس للنفقات العامة والمشاريع الاستثمارية ومخصصات الضمان الاجتماعي ليبدو هذا التقليص كسياسة انكماشية اتخذتها الحكومة في الاقتصاد غير عابئة بأن هذا التقليص يعني زيادة في البطالة عن معدلها البالغ 40 بالمائة ,كما يعني انخفاض مستوى الدخل وتدهور الخدمات العامة، وإسهاماً حكومياً في زيادة نسبة الفقر عن 45 بالمائة ويرى الخبير الاقتصادي الورد إن نتيجة هذا أنه ربما ينهار الاقتصاد برمته، ناهيك أن هذا التقليص لا يتفق لا مع برنامج الإصلاح المالي والإداري ولا مع برنامج رئيس الجمهورية.. مشيراً إلى أن هذا التدهور ربما يؤجِّج الشارع اليمني ويخلق نوعا من التذمر والسخط على الدولة بأكملها.. وهذه الصورة واضحة اليوم جلياً في الشارع اليمني في كل المدن اليمنية . وفي ظل تراجع الموارد النفطية وتفاقم العجز وعدم اعتماد موارد أخرى،إضافة إلى ارتفاع الدين المحلي الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع نسبة أسعار الفائدة بهدف توفير الأموال لتغطيه العجز، فإن معدل الاستثمار سيتراجع و سيؤدي ذلك إلى تراجع معدل النمو الاقتصادي، أو زيادة حدة الانكماش في الاقتصاد اليمني و استمرار تدهور الدخل الحقيقي وتنامي معدل البطالة وتوسع ظاهرة الفقر.ولا شك أن ذلك كله سيعمل على تفاقم الأوضاع الاجتماعية، ومن الواضح أن التفاوت بين فئات المجتمع يتسع لصالح فئات قليلة من المتنفذين وعلى حساب غالبية أفراد الشعب وإلغاء الطبقة الوسطى.
فاروق مقبل الكمالي
حين تسير الحكومة في طريق الهاوية ..تدهور الاقتصاد يؤجِّج الشارع 2050