ألا تذكر يوماً ما أنك جلست في مكان وتبادلت الحوار مع احد أصدقائك أو المقربين لك، فنهض فجأة في قلبك إحساسك بالحب تجاهه ، أو لعلك تذكر جدالاً حصل بينك وبين نفس الشخص ،وقد يكون في قضية تافهة وارتفعت الأصوات واحمرت العيون ثم تفرقتما.. واستثقل كل منكما الآخر بعدها.
عندما يجتمع الحب والكراهية في ساحة واحدة تحتدم المعركة وبالتأكيد تنتهي المعركة بمنتصر ومهزوم، فهل الحب أقوى من الكراهية أم أن العكس صحيح؟؟
كم هي المواقف التي وقعت لنا في حياتنا ولاتزال مطبوعة في أذهاننا إلى اليوم بطابع الحب أو بطابع الكراهية ،عدت بذاكرتي إلى القريب البعيد وتذكرت إننا نتعب في جذب بعض الناس نحونا ثم فجأة نتفرق بموقف لم يحسن احدنا التصرف فيه ،فأيقنت أن بذور الحب قد تنثرها عواصف الكراهية وأن الشخص الذي كان يكن لي الحب في يوم ما قد كسب المعركة ليس بحبه الجارف الذي كان يعتريه وإنما بكراهيته العمياء.
آدم يرى أن سلاح الحب في معركة الحياة هو الأجدى والأقوى مهما كانت قوة الكراهية وهو المنتصر الوحيد والأخير في هذه المعركة ومهما رجحت كفة الكراهية تحت ثقل ما، فإنها سرعان ما تعود كفة الحب للانطلاق عالياً بسرعة الصاروخ لترمي بالكراهية إلى الهاوية.
فئة قليلة من آدم ترى أن تحول الحب وانقلابه إلى كراهية سبب في انتصار الكراهية خاصة في زمن انتشر وتفشى فيه الحب الكاذب والكراهية المعلنة.
هناك مثل مشهور يقول «مامحبة إلا بعد عداوة»، بمعنى أن حقيقة الواقع تفيد أن العداوة والبغضاء تنقلب إلى حب وود إذا أنقذتها يد سحرية من بحار الحقد وسحبت من أعين الواقع غشاوة العداوة لتحل محلها سحب بيضاء مثقلة بمشاعر الود والحب ويمكن أن يحدث العكس ، فالمحبة تتحول إلى عداوة وحقد سام إذا طعنت بخنجر مسموم من يدٍِ ملوثة بدم الحقد وتصبح هناك متراجحة جديدة مفادها أن الحب قد يؤدي إلى الكراهية والكراهية قد تؤدي إلى الحب..
أما حواء، فترى بإجماع الكل أن الحب هو الأقوى ولكن ليس في كل الحالات، فالحب عندما يبنى على الإحساس بالضعف تجاه الطرف الآخر ، تغلبه الكراهية التي يقودها الحقد.
بينما تتفق قلة من حواء مع أغلبية آدم في أن المنتصر الوحيد في هذه المعركة هو الحب لامحالاة ويستدل على هذا الرأي من مواقف عدة من واقع الحياة، فالزوج والزوجة يستحيل أن تكون جميع أيامهما في الحياة أمطار حب والعكس صحيح، فمن الممكن أن تكون حياتهما جميعها عواصف كراهية إذا فقدت أركان السعادة في عش الزوجية، فالزوج يحب زوجته في أيام السلم ويكرهها في أوقات الحرب وإذا طغت الحروب على ساحة الحياة الزوجية انتصرت الكراهية فيها ،ولكن طبيعة جيوش الحروب في عملية الفر والكر تحتم على الحب والكراهية أن يأخذ راية النصر لكل منهما بالتناوب ولكن الحرب تحسم في النهاية بانتصار ورد الحب على أشواك الكراهية.
سؤال تتجلى ملامحه على خاصرة قلمي ، هل يمكن أن يجتمع الحب والكراهية على متن قلب واحد ؟؟! بادرت بالسؤال لقلب دفين وأتاني جواباً بأن الشخص الذي يمتلك مكنون حب صادق وقوياً لا يكره ابداً، ليس لعدم وجود الكراهية بقلبه ولكن لعدم مقدرته على تفعيلها بداخل فؤاده وإن تحركت نوعاً ما بسبب مد وجزر، فسرعان ما تنشل هذه الحركة بعد هدوء العواصف وتغيم على سماء الوجدان غيوم الحب، محملة بالدفء والحنان، لتعلن الفوز الساحق على الكراهية بالضربة القاضية.
في زاوية أخرى تكاد تكون مظلمة نجد معركة الحب والكراهية نادراً ما تحسم من البداية بالهزيمة لإحداهما والفوز للآخر ، فإذا بني الحب على أساس ضعيف، فسرعان ما يهرب من المعركة وتظهر نواجذ الكراهية وكذلك الحال للكراهية الممزوجة بصفاء قلب وبقايا حب سابق والتي تنهار وتذوب ما لم تنهضها أيادي الحقد ، عندما ترقص غواني الحب معلنة أن الحب هو المنتصر الأول والأخير..
في الأخير.. الحب حرفان لبحر عميق من المشاعر الدافئة ،والكراهية خمسة أحرف لنقطة سوداء في سويداء القلب ، يجتمع سلاح الحب المدمر ويواجه ألغام الكراهية المدفونة لتحدث معركة حامية الوطيس تتخللها مشاهد فر وكر وتنتهي المعركة بنصر وهزيمة ، فاملأ قلبك بالحب الصادق النقي لتلغي مفردة كراهية من قاموس الوجدان ولينظر قلبك إلى الحياة بمنظار وردي ويهنأ العيش في جنان أعمدتها وسقفها حرفان فقط هما الحاء والباء.
أحلام المقالح
معركة الحب والكراهية 2572