شعارات كثيرة تدوي في أرجاء الوطن منذ أعلن الشباب عزمهم على إشعال ثورات سلمية تهدف للإطاحة بالنظام اليمني الذي بلغ من الكبر عتياً، منها المفردات والجمل الاحترافية ومنها أيضاً التقليدية الشعبية التي كُتبت بالحبر السهل الممتنع.
"إرحــــــــل" هي المفردة الأكثر تداولاً بأيد الثوار وعلى وجوههم وصدورهم, حتى الحمام تزينت بهذه المفردة وأصرت أن تحلِّق بها في سماء الرئاسة كرسالة سلام تود إيصالها للقيادة السياسية علّها تستشعر سلمية المطلب وبراءة حامله.
"ارحــــــل" يقولها الأطفال ويرددها الشيوخ والعجائز وترسمها الفتيات على "كراريسهن" وينقشنها النساء بالحناء على أيديهن وعلى أواني الطهي وصحون الحلوى في منازلهن ، أينما يولي المرء وجهه فثمة مفردة تشير إلى الرحيل، ليس هنالك زاوية ولا حائط إلا وكتبت عليه ، حتى الأماكن "المقدسة" التي يستحيل الوصول إليها كمساكن الساسة, قصورهم, عرباتهم الفاخرة, أسوار مزارعهم, دفاتر شيكاتهم, بطاقات الائتمان الملونة الخاصة بـرحيلهم, ربطات العنق الثمينة, علب"البارفيوم" المنتقاة من أشهر الماركات العالمية, فإن هذه المفردة مصلوبة عليها وإن لم تكن يد قد كتبتها فإن رعبها والتوجس من تبعاتها هما من عملا على تواجدها ألقصري نصب أعينهم..
لقد أصبحت هذه الأحرف الأربعة ومعها همزه الإصرار ـ أمام الزعماء بمثابة سلاح الدمار الشامل الذي إن لوحت باستخدامه دولة (ما)، فان العالم بأسره يقف على أصابع الخوف ، وها نحن نشاهد اليوم أقدام لا تحتمل أصحابها ـ المرتعدة فرائصهم نظير الرعب الذي سببه هذا السلاح الجديد الذي باتت نتائجه الإيجابية في اليمن على مرمى صمود، خصوصاً وان شعار الرحيل قد تضرج بالدم الطاهر، فأصبح يشحذ الهمم التي كانت ترمق الإعصار من شرفة التأمل.
لا اعلم لماذا تتجاهل القيادة السياسية أعمال البلطجة التي يقوم بها "أزلام الحزب الحاكم" في عدد من ميادين التحرر دون أن تدرك اتساع رقعة الغضب الجماهيري يوماً بعد يوم نظير هذه الممارسات الصبيانية الطائشة ؟، هل يعي رأس هرم السلطة أن في الميادين ثمة شباب مازالت لديهم القناعة الكافية لبقائه رئيساً للبلاد حتى نهاية الفترة الـقانونية التي يتشبث بها مع تغير حقيقي في المسار, وأن هذه الأعمال البلطجية إذا ما استمرت ستجبر الشباب على الانضمام للطرف الآخر الذي يستميت على مبدأ وحيد لا تراجع ولا تنازل عنه وهو رحيل النظام واجتثاث جذوره الفاسدة مهما كلف من ثمن؟.
لقد بُحت أصواتنا ونحن نناشد القيادة السياسية إلى عدم الانجرار خلف نزوات بعض قيادات المؤتمر التي تتعامل مع الشارع بعقلية مستخدمي"البلايستيشن", غير أن صدى الحبر يرتد إلى مركزه دون أن يلامس مسامعهم كونها خارج نطاق الوعي، فما حصل اليوم هو نتيجة حتمية للتعالي وعدم الاكتراث بما يقوله الآخرون, وهذا ليس من باب التشفي وإنما رسالة لاستدراك ما تبقى استدراكه والعمل على إبقاء شيء من ماء الوجه الذي قد يذهب إذا تكرر ما حصل في محافظة إب, ومركزي صنعاء, ودائري الجامعة, وهناك حيث يرسم الأحرار خارطة للثورة السلمية بقطرات دماءهم التي تراق بأيد من يدعون حبهم للرئيس..
بالفعل, يعلم الله أنني مشفق على سيادة الرئيس بعدما وضعوه "حاشيته" في مأزق لا يحسد عليه, فماذا هو فاعل في ظل هذه الظروف التي تزداد سوء؟كلما أقدم على إيجاد مخرج للأزمة الراهنة حاصره خصومه المتواجدون على مقربة من حركة قلمه بمأزق أشد, إنهم يجهضون بوادر الحلول قبيل مولدها, ويكبلون قدراته العجيبة الذي استطاع من خلالها تجاوز عدد من الأزمات التي هاجمته طيلة سنين حكمه السابقة, لقد جعلوه غير قادر على ترويض أعدائه، خصوصاً وقد تكاثروا بفعل أخطاءهم غير المبررة.
* يا لحيرة الزعيم وقلة حيلته:
أيغادر كرسي الحكم إلى قفص الاتهام وبعثرة الإطباق المستورة، أم يبقى عليه عائماً على بحيرة من الدماء وأكوام من الجثث والأشلاء، اسأل من الله السلامة لوطننا الحبيب والعقلانية للحاكم والمعارضة والطمأنينة لشباب الثورة والدمار لأعداء اليمن.
*ومضة*
بات الغرب لا يهاب استشراء القاعدة ولا يود ضرب أوكارها التي تشكل خطراً على مصالحه حتى أن أمر التهويل من تواجدها تلاشى ولم يعد يشغل حيزاً حتى على شريط أخبار القنوات الفضائية "الإخبارية"، هل أصبح القادة العرب اليوم في نظر الغرب أخطر من القاعدة، أم أن الغرب يحبون الشعوب العربية إلى درجة حشد جيوشهم من اجل إزاحة الحكومات الدكتاتورية الجاثمة على أنفاس شعوبها..؟، مجرد تساؤلات ليس إلا!.
Almonef86@yahoo.com
منيف الهلالي
إرحل.. السلاح الجديد 2837