الظلم مهما تعددت أساليبه وتنوعت، فلابد له من نهاية حتمية والفساد مهما استشرى واستفحل وضرب جذوره في أعماق الأرض، وألقى بظلاله على كل شيء، وأضر بالزرع والضرع، فلابد من أن يجتث من جذوره ولو بعد حين من الدهر.
والفاسد والظالم مهما تجبر وعلا في الأرض، فلا محالة من زوالهما وفنائهما على أيدي من ذاقوا وبال أمرهم، وتجرعوا مرارة ظلمهم وطغيانهم وفسادهم.
لأن الشعب إذا أراد الحياة يوماً، فلابد أن يستجيب القدر له، ولابد لليل أن ينجل، ولابد للقيد أن ينكسر، ولابد أن تتحطم على أيادي البسطاء والفقراء طموحات وأحلام من تسول له نفسه الاتجار بحياة الشعوب والإضرار بمصالحهم، دون مراعاة لحياتهم وظروفهم، ودون التفكير بكيفية معيشتهم.
الظلم والفساد لن تقوم لهما قائمة في وجه إعصار الجياع وثورة براكين غضبهم وسخطهم، ولن يطول أمده إن لم يعدل في نمط سياسته وسطوته وغطرسته وظلمه تجاه شعبه وأمته، التي لن تحتمل أن تصبح مجرد أدوات بيد الظالمين والفاسدين، وإن تصبح حياتهم بلا معنى ولا قيمة ولا أهمية، كأنهم مجرد عبيد لهؤلاء الطغاة المتجبرين.
الشعب إذا ضاقت به الدنيا من ظلم أو فساد أو تكدرت عيشته جراء تمييز أو استبداد، فلن يقف مكتوف الأيدي ينتظر أن يرأف به الفاسدون الظالمون، ومن مات بداخلهم ضمير الإنسانية والدين، بل سيثور وسينتفض ضدهم وسيسمع صوته من به صمم، وسيعلن للعالم أنه لن يصمت على ظلم أو فساد، ولن يدع لئام النفوس أن يعيثوا فساداً في حياته ويسيروها وفق أهوائهم وسياستهم، ولن يرضخ لرغباتهم الذاتية، التي لم تخدمه ولن تحقق له مآربه وغاياته، ولم تبحث عن مصالحه، بل سعت لدماره وإنهاك قواه وإثباط عزيمته، وتدمير أحلامه تارة بجرع سعرية، وأخرى بانعدام موارد التغذية واحتكارها من قبل البعض، ناهيك عن الفقر والبطالة، التي ألقت بظلالها على كل شيء.
الشعب إذا ثارت ثائرته، فلن يرحم، ولن يوقف هيجان غضبه شيء، ولن يظل رهيناً لرغبات وأهداف من يعيثون فساداً في الأرض، ولا يهمهم سوى مصالحهم، في جني الثروات واللهث خلف المناصب، التي يسيل لها لعاب البعض منهم.
الجياع يجب أن لا يؤمن مكرهم، ويجب أن تعد العدة لهم، وأن نعي جيداً أن هدوءهم هذا يسبق عاصفة هوجاء، لا تبقى ولا تذر، وستهوي بمن يعترض طريقها إلى مكان سحيق.
ثورة الجياع إذا قامت، فستغير قوانين الأرض الوضعية، التي سنها من بيدهم زمام الأمور، وجعلوا منها دستوراً دنيوياً يعبث بحياة الشعوب، وسيسود قانون العدالة والمساواة، وسترفع شعار الموت للظالمين، والنفي والطرد للفاسدين.
فهد علي البرشاء
ثورة الجياع 2103