استهان كثيرون بالثورة المصرية ولم يخطر ببال أحد في الدنيا كلها أن شعب مصر سينتصر على الأوضاع التي عانى منها طويلاً ولم يكن أحد يصدق أن ذلك يمكن أن يحدث، ولكن الشباب كان أقوى من جميع المراهنات.
وبالنسبة لنا في اليمن استهان الحزب الحاكم كثيراً بالثورة الشبابية السلمية وتجلى ذلك جلياً في حديثه الذي قال: إنهم مقلدون لثورة تونس ومصر وإن اليمن ليست تونس أو مصر، ولم يدرك أن ما يحدث في الساحات اليمنية هي ثورة حقيقية بدأها أيضاً الشباب، وتوسعت لتعم اليمن أجمع مع انخراط كل شرائح المجتمع فيها، وأن استخدام العنف والقوة من أجل تفريق المعتصمين يعمل على اتساع رقعة الاعتصامات السلمية وازدياد أعداد الجماهير، ولن يتبقى للحزب الحاكم البلاطجة والمنافقون وذوي المصالح.
أما الشعب فيوماً بعد يوم يثبت أن وحدته الوطنية تزداد قوة وأن المطلب الذي نادوا به الشعب يريد إسقاط النظام كان السبب الرئيسي في استعادة الشعب لوحدته، وكان العنف والقوة والقتل الذي استخدمه الحزب الحاكم في مواجهة الاعتصامات السلمية والاحتجاجات سبباً في تفكيك سلطة الحزب الحاكم إذ قدم الشرفاء استقالاتهم من الحزب والسلطة وأعلنوا انضمامهم للثورة.
وبطبيعة الحال هذا الأمر لن يروق للسلطة والحزب الحاكم وسيسعى جاهداً من أجل إضعاف وتفكيك وتشتيت وحدة الصفوف، فإذا لاحظت عزيز القارئ منذ بداية الاعتصامات لم نر أبداً أعلاماً تشطيرية أو أي أعلام أخرى عدا علم الوحدة الذي رفرف عالياً في كل الاعتصامات السلمية وعلى مستوى محافظات الجمهورية.
ولكن في الآونة الأخيرة ومنذ أن التقى الرئيس بقيادة الجيش واتهم المحتجين بالتآمر على الوطن و العودة إلى الماضي حين قال: الردة الأولى تستهدف العودة بوطننا إلى الشطرية وعودة الاستعمار والردة الثانية تسعى للعودة إلى عهد الإمامة ورفع علم "السيف وخمس نجمات"، ومن يقف وراء ذلك يسعون لتقليد ما يحصل الآن في ليبيا، وكان حديثه واضحاً أن الأعلام التشطيرية في الجنوب والأعلام الأخرى في الشمال.
ومثلما قلت آنفاً: أنه منذ أن تفوه "الرئيس" بذلك بدأت تلك الأمور تطفو على السطح من خلال إعطاء منشورات وأعلام تشطيرية للمتظاهرين في "المنصورة" و"الشيخ عثمان" جلبتها سيارات مجهولة.. ولأن أبناء الجنوب رفضوا التعامل مع الشعارات المنددة بالانفصال، فقد رفضوا أيضاً استلام تلك المنشورات والأعلام، والهدف من ذلك طبعاً هو المحاولة إلى خلق التشويش على مطالب الشباب وتعمل على إجهاض مطالب الشباب المطالب بالتغيير من صعدة إلى صنعاء وإلى عدن والمهرة.
إن مسألة تحالف الشعب وتوحد مطالبه في كل محافظات الجمهورية أصبح أمراً مقلقاً بالنسبة للحزب الحاكم، لذلك فهو لن يتوانى في استخدام أي أسلوب من شأنه نشر التوتر وبث الخلاف في ساحات الاعتصام وخلخلة وحدة الصف الثوري أو تحويل الثورة عن وجهتها ومطلبها الذي خرجت من أجله، وبصريح العبارة سيعمل جاهداً من أجل أن يُفقد الشرعية القانونية لهذه الاعتصامات السلمية، التي بالفعل أربكت السلطة والحزب الحاكم.. فقد أدرك الحزب الحاكم أن هذا الشعب لا يكسر ولا يقمع لأنه لم يخلق للهزيمة ولا يخاف، بل يخيف الأعداء "أعداء الحرية".
وأخيراً أقول: شكراً للمعتصمين في كل محافظات الجمهورية.. شكراً لثباتكم ولاعتصامكم بالصبر.. شكراً لكم لأنكم أعدتم الكرامة لنا، وأيقظتم فينا روح الكفاح، وعلمتمونا درساً في الصبر والإرادة التي لا تقهر.. شكراً لأنكم أعدتم فينا الأمل والثقة بالنفس، وغرستم شجرة الحرية والفداء فينا، فاصبروا فتحقيق المطالب لا يأتي بالتمني.
كروان عبد الهادي الشرجبي
العنف وحدَ الصف اليمني 2332