كثيرة هي الحكايات التي يكشفها الواقع الاجتماعي للمرأة في اليمن.. وما أكثر المضحكات والمبكيات حين يصل إلى أذنيك أو تكشف لك صديقة أمرها أو تسمع حكاية من "هنا" أو "هناك".
وما أريد أن أوضحه هنا هو الخيط الرفيع بين وعي المرأة الثقافي والوعي الاجتماعي.. أو صراع المرأة المتعلمة والمثقفة مع مجتمع الحريم ونمط هذه الثقافة.
حكاية مريرة ستكون مثالاً لنا في هذا المقال، تكشف لنا الحال المأساوي "المضحك والمبكي" في آن واحد.
تروي صديقة لي حكاية الفتاة المتعلمة الجامعية، التي يفترض أن تكون الحياة الجامعية بكل أبعادها قد صقلت تجاربها وأنضجت وعيها.. وهي تكمل طقوس الزواج وفقاً للعادات والتقاليد.. ففي اليوم الذي تعارف المجتمع على تسميته بـ(الدُخلة)، إذ بهذه الفتاة الجامعية ترتد إلى " ثقافة الحريم " وتطلب ما يُسمى حق "كشف الوجه" وهي بذلك تلغي عمراً كاملاً من المعرفة والوعي الذي يرتقي بإنسانية المرأة، لا ليضع جسدها سلعة قابلة لمساومة حق "كشف الوجه، وهذه الظاهرة تضع سؤالاً أمام أي مهتم بقضية المرأة في مجتمعنا.
هل أصبح المال سيد الموقف دون أي اعتبارات مطلقاً لحقوق الجسد المشروعة وحقوق القلب المشروعة، والحق العاطفي الكفيل بإعطاء الزواج شرعيته الإنسانية والشرعية والأخلاقية التي يتطلبها بقاء المجتمع سليماً مُعافى؟.
تلك واحدة من الحكايات الكثيرة التي عشناها وعرفناها عن كثب، وربما سرد بقية القصص لا يضيف إلا تأكيداً على هذه الظاهرة وغيرها، التي تشُد المجتمع إلى الأسفل وتلغي الوجه البهي لقدسية الزواج، أية هاوية يمكن أن يقود إليها حق "كشف الوجه"، حين تكتشف الفتاة أن هذا "الحق" لم يمنحها ذلك الدفء الذي تطمح إليه، فتجد نفسها مُنقادة إلى قوانين اجتماعية لا تنضبط مع الزمن وثقافتنا اليوم.
أمل عياش
المرأة بين وعي الذات وثقافة الحريم 1922