هاهي قطرات المطر تهطل مبشرة بخير عميم سيسقي القلوب العطشى وتلين قلوب قد قست وتصحرت ولم تعد تذعن لنسمات التغيير التي تحمل الحب، فقد استمرأت الجفاف وعشقته.. رحمات السماء تنزل لتغسل قلوبنا ولتطهرها من خلافات وشوائب لتزيل خيام التباعد التي نصبناها في مياديننا، خيام هنا يحتشد فيها الشباب والشيوخ والنساء والأطفال تدعو إلى التغيير وتحريك المياه الآسنة، وخيام هناك يحتشد فيها بعض من شيوخ القبائل ومقاتليهم حماة الديمقراطية والشرعية الدستورية، وبين هذه وتلك توقفت كل مصالح الوطن، الدراسة الجامعية وشلت مؤسسات الدولة وركود للحركة والتجارية وأصبحنا نعيش حالة ترقب، الجميع يخشى الانفجار الذي يوشك أن يحدث والذي لن ينفع بعده البكاء على اللبن المسكوب وبعبارة أدق الدماء النازفة.
ولن يكون الضحية الوطن ومقدراته وأبناء الشعب فقط ولكنه سيطال هذه المرة من رفضوا الانصياع لإرادة التغيير بحجة الديمقراطية والشرعية الدستورية والمدة الانتخابية، إن الدستور ليس قرآناً يتلى لا يعدل، ولكنه قانوناً وضعياً نعدله متى شئنا ووفق أهوائنا، اليوم نقول مدة الرئاسة "7" سنوات ثم نعدلها لـ"10" وفترتين ثم نعدلها لـ"5" وعشرتين، ثم نعدلها لمدى الحياة، فما المانع بأن نقول كفى؟، إذا كانت مصلحة اليمن وتهيئة أسباب الأمن والاستقرار تستدعي ذلك؟.
ولي سؤال يقول: من الذي عزل محافظي المحافظات المنتخبين؟، أليست المصلحة العامة؟، وهكذا قالوا.. وما الانقلاب إلا فزاعة، لا نريد أن نتمترس به ولا نتجزأ به ولا تقسم الأسر ولا نريد أن تتغلب المصلحة الخاصة ولا المصلحة الحزبية ولا القبلية على مصلحة الوطن.
لا نريد أن نتبارز.. هنا عنفوان الثورة، وهنا عنفوان القوة، ونلبسها الاستحقاق الانتخابي، ثم أين برنامج الرئيس الانتخابي؟، ألم يتبخر على أرض الواقع؟، أين وعده أن لا جرع ولا بطالة؟، هنا أسر لم تعد تأكل وملايين لا يعملون.
إننا نشيد ببراعة الرئيس في معركة الانتخابات كما هو بارع في إزاحة الخصوم، حتى جعلنا نبكي على أحلامنا،لم نعد نحتمل أن يضحك علينا ويقول إن حركة الشباب تدار من تل أبيب وتمونها أميركا، الجميع ليس بهذه السذاجة، فإذا كان قد اعتذر لأميركا بسبب هذه الفرية، فالشعب لا يريد منه الاعتذار "سامحه الله"، لكننا نريد توجهاً جاداً لتسليم السلطة سريعاً، نريد حوارات موسعة وعصفاً فكرياً جاداً وتبادلاً للآراء بين كل شرائح المجتمع في كيفية الانتقال السلمي للسلطة واليمن ولادة وفيها من الحكماء من هم قادرون على القيادة.
انتهى عصر الخطابات والشعارات والوعود، وبدأ عصر الحقوق وإشباع الاحتياجات، المواطن أصبح جزءاً من معادلة العمل السياسي، وأن الرهان على صمته رهاناً خاسراً ولم يعد الرهان على تخويفنا من الاقتتال والتحول للعمل الميداني العنيف وإثارة الفتن والتهديد لتفتيت الوطن مفيداً ولن يجبر الشباب الغيورين على اليمن عن العودة عما بدأوه، بل سيجعلهم أكثر تصميماً على استكمال ما بدأوه وأن اللجوء لمثل ذلك سيشجع كل وطني ونزيه لأن يضاعف جهوده حتى يعم اليمن الخير ويقضي على الفقر والعمل على إقامة دولة المؤسسات.
وأنا على ثقة بأن من شارك في تحقيق الوحدة وقاد اليمن إلى تحقيق السلام من جيرانه في ترسيم الحدود مع السعودية وعمان وإريتريا بالطرق السلمية وجنب بلادنا ويلات الحروب لم يعد يعدم الرؤية لإخراج البلاد من محنة كهذه وكلنا ثقة بالحكمة اليمانية التي ستحضر وما حصل ما هو إلا اهتزاز سيزيدنا قوة وتماسك.
ولليمن: إذا كنت محتاجة شمس كلنا شمسك وإذا عطشتِ نصير لأجلك ماء تبل به عروق الظمأ، أما من يفتقد حرارة الوطنية، فلن يفهم قرة المنطق.
عمر علي الدبعي
المطر والاعتصام 1868