كنت قد اتجهت في الآونة الأخيرة للكتابة عن الأحداث الجارية في الساحة اليمنية لما يحتله هذا الموضوع من أهمية لدى الشارع اليمني، واليوم ليسمح لي القراء الأعزاء أن أكتب أو أعود للكتابة عن الأحوال والأوضاع المزرية لبعض المرافق الحكومية وتحديداً مستشفى الجمهورية، وكنت قد تحدثت ما فيه الكفاية عن الوضع العام لهذا المستشفى واليوم طفت على السطح مشكلة يجب أن يوجد لها حل سريع وهذه المشكلة تكمن في الوضع السيء للمشرحة أو الثلاجة الخاصة بحفظ الموتى.
فقبل فترة توفي والدي ـ رحمه الله ـ والكل يعرف ذلك وتم وضع جثته في الثلاجة الخاصة بمستشفى الجمهورية، وعندما ذهبنا لأخذه لاحظت الازدحام الموجود هناك وأيضاَ الرائحة التي تزكم الأنوف فتلك الرائحة ظلت لصيقة بملابسنا والحقيقة لم أعر الموضوع اهتماماً وأرجعت الأمر لكثرة الانطفاءات للكهرباء آنذاك، وما أعاد الموضوع إلى ذاكرتي هو لك الحادث الذي وقع لأحد الزملاء وعلى إثر ذلك ذهب بعض منا لزيارته ورؤيته.
والحقيقة أن الأمر يبعث على القلق نظراً للروائح العفنة المنبعثة من المشرحة وتساءلت عن السبب.. فكانت الإجابة أن مستشفى الجمهورية يكاد أن يكون المستشفى الوحيد الذي يستقبل حالات الوفاة من المحافظات وكذا حالات الوفاة المرورية، وأيضاً المرضى الذين يتوفون بالمستشفى يتم وضعهم هنالك، ولا ننسى جثت اللاجئين الصومال التي يتم العثور عليها في السواحل وهذه الثلاجة قدرتها الاستيعابية قليلة ولا تتسع لأعداد كثيرة وهذا الأمر يحدث أرباكاً في سير عمل الثلاجة.
فكثيرة هي الحوادث التي تقع في حياتنا اليومية وأعداد الموتى بازدياد ومبنى المشرحة أو الثلاجة لم يتوسع ولم يشهد أي تطور يذكر، عذراً لا أرغب في ازدياد عدد الموتى وأتمنى أن يجنب الله الجميع من كل شر وأذى ويحفظ كل الأحياء.
عموماً ما أردت ألا أن أوجه أو أرسل مناشدة إلى الجهات المسؤولة للإنتباه إلى هذه المسألة المهمة وكذا أوجه مناشدة للأهالي.. فإذا كان لدى أحدكم "متوفى هناك.. خذوه وادفنوه.. فإكرام الميت دفنه.. وإذا كنتم تعتقدون أن دفن الميت سيضيع حقه فهذا خطأ لأن الميت لن يستفيد من بقائه هناك شيئاً وإنما سيسعد إذا ما دفن، وحقه لن يضيع طالما هناك من يطالب به.
وهكذا الحال بالنسبة للاجئين ومجهولي الهوية لماذا لا تتكفل الجهات المسؤولة بعمليات الدفن حتى يتطهر المكان وينظف وبكل الأحوال هذه حالة إنسانية بحتة.
وفقة
منكم يا من في الساحات
تعلمت معنى الحرية
ومنكم تعلمت كيف أكسر
حاجز الخوف
فلكم مني ألف تحية
كروان عبد الهادي الشرجبي
مشرحة مستشفى الجمهورية من يلتفت إليها؟! 2130