صنع الشباب المعتصمون في ساحة التغيير نقطة تحول كبيرة من خلال تماسكهم وصبرهم وإصرارهم على التغيير نحو الأفضل.. وتسارع وتيرة الأزمة في اليمن أفقد النظام توازنه وبدأ يترنح ويقدم التنازلات تلو التنازلات.
وليس الأمر بغريب، فقد ثار الإنجليز قديماً ضد الملك "جون" شقيق الملك "ريتشارد قلب الأسد" عدو المسلمين المعروف، ووصلوا في النهاية إلى وضع مشابه لما عليه الثورة المصرية الآن، بحيث ظل الملك جون على العرش بينما حصل الإنجليز على بعض الحقوق المدنية في وثيقة عرفت بـ"الماجنا كارتا"، فهل توقفت الثورة عند هذا الحد؟ كلا وحاشا لقد ثار الإنجليز بعد عدة قرون وجعلوا البلاد جمهورية.
ثم عندما وجدوا الجمهورية فاسدة والرئيس يورث الحكم لأبنه كأنه ملكاً مستتراً، ألغوا الجمهورية وأعادوا المملكة بشروط، فلما وجدوا ملوكهم لا يلتزمون بتلك الشروط قاموا بثورة أخرى أكبر وجعلوا الحكم في يد مجلس منتخب ينوب عن الشعب.
فهل انتهت ثورة الإنجليز؟ لا والله، فما زال كثير من الإنجليز يمنون أنفسهم بثورة أخرى غالباً ستكون سلمية يتم فيها إعلان الجمهورية.
هذا عن الإنجليز، أما الويلزيون والاسكتلنديون والأيرلنديون فحدث ولا حرج، فهم يطالبون بجمهوريات مستقلة عن إنجلترا، وهنا سؤال كبير، في كل مرة تحرك أهل الجزر البريطانية لنيل حريتهم، كم كانت التضحيات؟ نحن الآن إن استطعنا أن نصل إلى الشكل النهائي للثورة ألا وهو جمهورية كل ما فيها يتم بانتخابات واستفتاءات حقيقة غير مزورة، فإننا نكون قد وفرنا على أنفسها وعلى الأجيال القادمة دفع فواتير جديدة من أجل الكرامة ومن أجل الحرية.
وعلى ذلك فإنني مع رحيل السلطة بجميع رموزها الصغيرة والكبيرة وأن يتحمل الجيش اليمني مسؤولية زمام الأمور وحراسة المؤسسات والبنوك الحكومية والخاصة، حتى لا تتعرض للنهب من قبل المرتزقة، كما حدث في المناطق الجنوبية بصيف 94م.
وان يقوم المجلس العسكري الأعلى باختيار شخصية مدنية متخصصة تؤدي اليمين الدستوري للقيام بمهام رئيس مؤقت لفترة وجيزة يتم خلالها إجراء انتخابات شخصية مدنية مبكرة، على أن تشكل حكومة إنقاذ وطني من التكنوقراط بشرط أن لا يكون المشاركون فيها قد شغلوا مناصب في النظام الحالي وان يقوم الجيش بحل البرلمان مع مجلس الشورى وجميع الأحزاب الموجودة في الساحة السياسية باعتبارها صنيعة النظام، ويتم السماح بتشكيل أحزاب جديدة بقيادات جديدة بعد الفترة الانتقالية التي سيحددها المجلس العسكري ويتم كتابة دستور جديد على أساس برلماني.
الذي أريد أن أنبه له لابد من استمرارية الثورة حتى نجني ثمارها، ولتحقيق ذلك لابد من أن يتصف المعتصمون بالصبر عند النوازل والمتغيرات.. وكذلك لابد من أن نتصف بسعة الأفق وأن يكون همنا وفكرنا مرتفع جداً.. وأن نثبت أمام المحن كثبوت الجبال.
عبدالمجيد السامعي
نقطة تحول .... 1815