قبل أعوام كانت جدتي رحمها الله من مؤيدي الإمام , وكانت تقول إنهم كانوا في خير وعافية حتى طلعت عليهم الثورة , وقتها كنت أجد جدتي أكثر صدقاً من الثوار الأحرار في المقرر الدراسي لأنها عاشت الحدث في قريتها أبان أيام الإمام , وكان الجميع يحلف بروحه ولكن هل كانت جدتي على حق؟
اليوم وفي الشارع اليمني تجد المعارض والمؤيد والخائف والسلبي والكل يكيل للآخر الاتهامات وسوء الظن واتهام النوايا , أنا أعذر كل المعترضين في بيوتهم على هذه الاعتصامات والمظاهرات الشعبية، فهذه وجهة نظرهم ,ولن ندعي التزييف والكذب ونقول: إن كل الشعب قد خرج لساحات الاعتصام, ولن ندعي أن كل معترض على تواجدهم مأجور من قبل الحزب الحاكم
لكن ما يجمعنا كلنا هو حب الوطن ورغبتنا أن نظل بأمان وعافية فيه وإن اختلفت السبل، عندما تخرج من بلادك إلى أرض الله الواسعة خارج اليمن تأتي محملاً بانطباعات عديدة أولها: تريد أن تُقبل هذه الأرض التي تنتمي إلى تربها, وثانيها: أن هذه البلد عظيمة تملك الكثير من العطايا لكنها مهملة ومدمرة, وأخيراً تشعر بالحسرة.. تلك الحسرة التي شعر بها الزبيري وإخوانه الأحرار حينما عاد إلى أرض الوطن ووجده يرزح بالجهل والظلم والعمى.
تمر على الجهات الحكومية وتلعن اليوم الذي جعلك تتورط في دائرة حكومية مليئة بالرشاوى واللصوص والمحسوبيات , تمر على الطرقات والبيوت تجدها تكاد تثقل أنفاسك من اكتظاظها ورداءت التخطيط وبدائية الترصيف, تقابل الوجوه المعفرة.. صاحب الدباب ضبحان ,الشباب مطفرنون, البطالة بكل بيت, الموظفون يحلمون بزيادة المعاشات ولو حتى "500" ريال ـ مش بطال ـ وفواتير الكهرباء والماء والإيجارات لا ترحم أحداً, والكل تزيد معاناته يوماً بعد يوم .. وتسأل نفسك هل هذا هو اليمن السعيد؟
تسرق الأراضي والوظائف لأصحاب المناصب وأبناء المعالي ولا أحد قادر أن يرد لأحد مظلمة , والفاسدون نخروا في بنية هذا البلد حتى أصابوه بالعطب , صارت الحكومة ـ إلا من رحم ربي ـ مجموعة من اللصوص الذين يبررون لأنفسهم النهب بأي دعوة كانت، فالمال السايب يعلم السرقة و ما خفي كان أعظم ..
لمن غنى (أيوب طارش) "لمن كل هذي القناديل"؟ لبلاد صارت معتمة من رداءت خطوط الكهرباء وانقطاعها المستمر , لمن كل هذي القناديل؟ في بلد غيبت معالمه ومواطنيه فلم يعد لدينا وقت حتى لنفكر في حياة مضيئة ومشرقة, تشعر بالجوع والفقر والمهانة وأنت تسمع أنك تعيش في بلد الخيرات والبركات، لكن الثروات ليست في يدك وإنما لمواطنين غيرك ربما في بلاد واق الواق, والوطن الجميل الذي حلمت بأن يتطور ككل بلاد الله يرجع إلى عهود الجاهلية وتنتشر فيه المظالم
ذلك الوطن الذي رمينا بذمته في أيدي النظام "33" عاماً لكنه لم يصن هذه الذمة ولم يحافظ عليها , من حق هذا الشعب أن يرفض هذا النظام بكل رموزه وذيوله ومن حقه أن يعترض عليه بعد هذا الصبر الطويل، فنحن بلد جمهورية ومن حقه أن يستبدل هذا النظام بغيره, وإن قال قائل بأن هذا تجاهل لكل المنجزات التي تمت من عهد الثورة حتى الآن فهذه المنجزات لم تكن هبة, وإنما هي من حقوق الشعب وليست تفضلاًً من أحد..
ومن أجل هذا كله وأكثر خرجت الاحتجاجات والاعتصامات في بلادنا, ومن أجل هذا كله وأكثر رددت تلك الجموع
(الشعب يريد إسقاط النظام)
wadhaabdo@gmail.com
وضحة عبده
لماذا ( الشعب يريد إسقاط النظام) ؟! 1975