دفعت مدينة عدن لوحدها أكثر من ثمانين بالمائة من ضحايا المواجهات الأخيرة التي شهدها عدد من مناطق البلاد بين المطالبين بتغيير النظام والمؤيدين لبقائه.
وكان يوم أمس الأول دموياً بكل معنى الكلمة؛ فقد سقط عدد كبير من القتلى والجرحى بعد استخدام قوات الأمن للعنف ضد المتظاهرين منذ نهار الجمعة وحتى وقت مبكر من فجر أمس السبت، لدرجة أن الناس لم يكن باستطاعتهم نقل الجرحى إلى المستشفيات لتلقي العلاج.
وكان منظر الناس وهم يتدافعون هرباً من الرصاص، وهم لا يحملون سوى اللافتات التي كتب عليها شعارات تطالب بالتغيير يكفي ليجعل البعض يستعيد أجواء حروب سابقة تعهدت السلطة بعدم تكرارها؛ فالسلطة تقول إن البلد تتمتع بحرية كاملة، وأن باستطاعة الناس التعبير عن آرائهم انطلاقاً من ثوابت الدستور والقانون، إلا أننا رأينا العكس تماماً، حيث كانت أصوات الرصاص هي المتحدثة الوحيدة في هذه المواجهات.
السؤال الذي لم يجد له الناس إجابة هو: لماذا هذا التعامل الفج لقوات الأمن مع المتظاهرين في عدن؟، لماذا استسهال إطلاق الرصاص الحي ضد المتظاهرين، ولماذا لا يجري التعامل مع بقية التظاهرات في بقية مناطق البلاد مثلما يحدث في عدن وبقية مناطق الجنوب؟.
من المؤسف القول إن هناك طريقتين في التعامل مع الاحتجاجات في البلاد؛ فعدن يكون نصيبها دائماً المزيد من القمع، مع أن مجتمع المدينة مجتمع مدني، ورأينا خلال الأيام القليلة الماضية أن العشرات من القتلى والجرحى سقطوا في المواجهات مع قوات الأمن التي نشرت الدبابات والمصفحات والعربات المدرعة لمواجهة متظاهرين لا يملكون السلاح، فيتم التعامل معهم بعنف وقسوة غير مبررة.
نتساءل جميعاً لماذا تستثنى عدن من توجيهات الأخ الرئيس علي عبدالله صالح في قضية التعامل السلمي مع المتظاهرين وحمايتهم؟، لماذا لا يتم محاسبة الجنود والضباط وقادة الوحدات العسكرية وحتى المحافظ على هذا الدم الذي يراق على شوارع المدينة؟، ألا يعلم هؤلاء أن السكوت عن هذه التصرفات تعمق مشاعر الكراهية بين الناس، وتوسع من حالة الاحتقان المناطقي.
تحتاج هذه التصرفات إلى وقفة حقيقية من قبل سلطات الدولة وفي مقدمتهم الأخ الرئيس الذي وجه قبل أيام قليلة فقط أجهزة الأمن بحماية التظاهرات السلمية.. وبحسب علمي فإن عدن تعتبر قطعة من الأراضي اليمنية، ويجب أن تسري هذه التوجيهات عليها، كما تسري على بقية مناطق البلاد.
عن صحيفة السياسية
صادق ناشر
الدم المراق في عدن 1864