[مدخل]
عالم الموضة عالم مليء بالمفاجآت السارة والضارة , شهدنا جميعاً موضة ( طيحني – بابا سامحني – إلخ ) من مسميات الموضة التي لبسها الشاب العربي, ولكل موضة زمن ثم تموت. انتهى..
توالت المحن على الشاب العربي فأتعبته , وقيده الكبت فأرهقه فلم يستطع القيام لثقل القيد, واضمحلت حريته كضباب أشرق عليه شعاع الشمس .
ميتاً في عداد الأحياء, هذا هو وصفه ..!
الفقر بسوطه المدقع يضربه مع كل إشراق وغروب وما بينهما , والبطالة تلفه كالليل يلفه السواد الأدهم ويغلفه , فصار كلاهما عنوانًا للآخر .. ووجه العملة الثاني ..!
الطموحات ... تكبر بداخل الشاب العربي وتكبر , وكأن طموحاته بالونًا , وأنفاسه تنفخ في هذا البالون فلا يزال يكبر , ما دامت أنفاسه تجري فيه وتجري آلام الشاب العربي ... تكسر صمام الدمع في عينيه , فينفجر دمعه كغيث مدرار , فيبكي حتى يبكي البكاء معه , فإذا ببحر من الدموع راكد أمام نظرات عينيه الملتهبة من الأسى .
تضرب نظرات عينيه الملتهبة صفحات بحر دمعه , فتتصاعد الدموع بخارًا , , ومن برودة جوه المفعم باليأس تتكثف في فوق رأسه , فما هي إلا جبال داجنة تجريها رياح عشية العاصفة , فتصطدم سحب دمعه ببعضها , فيقدح تصادمها شررًا , يزيد من قوتها قوة , ومن هيبتها هيبة , فيتزلزل قلب الشاب العربي خوفاً وألماً.
ينهمر الدمع المكثف مطراً, هو الألم والخوف والقهر والذل والفقر والأمل المنكسر بداخله.
ليس للشاب العربي أرضًا تقله أو سماء تطله!.. من المطر الساقط عليه, ثوبه الممزق يلتزق بجسده الواهن, كأنه يخشى أن تنثره الرياح فتشبث بصاحبه.
وهذا حال الشاب ليلًا ونهارًا.. بكاءً في الليل.. يجفف ملابسه على غصن شجرة تدعى الوطن, قائلاً (هذا من أجلك يا وطني).. ثم يوطن نفسه قبل الفجر لمطر الدمع, فلا مفر له أبداً.
لكنه اليوم بعد أن خلع ثوبه ليجففه بغصن الشجرة, أبت الشجرة أن تعطيه ثوبه الممزق ثم ابتلعت الثوب, حتى لا تسمع مرة أخرى إنما ألبس هذا الثوب الممزق من أجلك ..!
- يخاطب الشاب العربي الشجرة , ومن أين لي ثوب ألبسه ؟ فيستر عورتي وألتمس منه دفئاً وجمالاً؟، ردت الشجرة اغزل ثوبك بنفسك؟ فأنت شاب، فانتفض الشاب بعد أن ألجته الحاجة لثوب ..! فغزل ثوبًا من ألمه وفقره وبطالته وقهره وذله ثوب الثورة والتغيير والحرية وصبغه بالدم ليؤكد أن لا رجعة ولا انتكاس, فالموت مرة .. ولا الموت كل مرة بعدد نبضات قلبه.
صمم ثوب الثورة والتغيير والحرية "البوعزيزي"، عرضه في سوق الأسهم للموضات.. فاشتراه شباب تونس, وأعجب به شباب مصر فشروه أيضاً, ولا يزال شباب ليبيا يفاوض على سعره في سوق أسهم , وكذا شباب الجزائر البحرين واليمن.
سعر الثوب غال ..! فلا يزال موضة لم تلبس كثيراً ولم يستهلك.
[مخرج]
هل يستطيع الشاب الفلسطيني أن يشتريه لغزة ولفلسطين وللأقصى, أم سيبلى الثوب ويخلق..؟.
علي عبدالله الدربي
الموضة اليوم.. ثورة وتغيير وحرية 1736