تطرقنا في الحلقة السابقة في المطلب الأول إلى ضرورة تحمل المسؤولية الوطنية ومكافحة الفساد ومعالجة الاختلالات وترسيخ سيادة النظام والقانون.. أما في هذه الحلقة فسنتطرق إلى:-
2. المطلب والواجب الثاني:
إن أراد الرئيس/ علي عبدالله صالح- أن يسطر بيده وبقيادته تاريخ اليمن المعاصر ومستقبله القادم ويسجل لشخصه صفحة تاريخية عريقة عليه أن يقود ثورة التغيير والتحول السياسي والحضاري في اليمن –القادمة لا محالة
من خلال الآتي:
- إعلانه وتجسيده ثورة ضد الفساد والمفسدين، وحل المشاكل المتعلقة بالمظالم والحقوق الفردية والعامة وتصحيح اختلالات الوظيفة العامة والمال العام.
- إعلانه وتجسيده وضع الأسس والقواعد اللازمة لقيام وبناء الدولة اليمنية الحديثة، القائمة على الأسس الديمقراطية الحقيقية والقضاء على مظاهر التشويه التي لحقت بها في التجارب السابقة، وترسيخ سيادة النظام والقانون،
والنهج المؤسسي في الدولة وسيادة واستقلال القضاء والجيش والتهيئة لقيام ذلك بحق.
- إعلان وتأسيس قواعد النهضة والحضارة اليمنية من الحاضر ونحو المستقبل وفق أسس الأصالة والمعاصرة وأسس الحضارة اليمنية الأصيلة، تشمل العلم والإيمان والحكمة، والزراعة، والصناعة، والتجارة، وبالإمكان البدء
بذلك حتى بتأسيس شركة يمنية مساهمة تقوم بإنشاء جامعات أو كليات علوم الزراعة والصناعة والتجارة العلمية والعملية اليمنية وفق المعارف اليمنية الأصيلة والمعارف المعاصرة ومن ثم تستمر مخرجاتها في النهوض بالزراعة
والصناعة والتجارة بأيادٍ يمنية شابة وبذلك حل للبطالة والنهوض باليمن كما نهضت بذلك في ماضيها المجيد التي شيدت أعظم دولة وحضارة شوروية زراعية وصناعية وتجارية سبقت غيرها بآلاف السنين.
وإذا ما بدأ الرئيس صالح بترسيخ هذه القواعد وقيادة ثورتها والتهيئة لترسيخها والانتقال الوطني إليها خلال الفترة المتبقية من حكمه وإلى الفترة التالية.. فسيكسب هو وأبناؤه أكبر ثروة لا ينافسهم فيها أحد على مدى عقود وربما
قرون وهي اكتساب التاريخ و الوطن وهذه ستكون أقوى سند بعد الله تحث الشعب، تمكن أياً من أبنائه أو أحفاده من الفوز بالرئاسة إن ترشح باعتباره مواطناً يمنياً وبعد دورات وترسيخ التداول السلمي للسلطة في ظل الدولة الحديثة
الحقيقية وليس الشكلية.
وأمام الرئيس في هذه المرحلة فرصة تاريخية لقيادة ثورة التغيير القادمة ما لم فسيستلم زمامها غيره القادم.
ثانيـــاً: المعارضة:-
المعارضة المعنية هنا هي أحزاب اللقاء المشترك، وبداية لابد من توجيه رسالة تقدير لموقفها الوطني المسؤول والشجاع وتحديداً انتهاجها لمبدأ النضال السلمي والتي جسدته قولاً وفعلاً في مظاهرات يوم الغضب الذي دعت إليه يوم
الخمس قبل الماضي بتحويل ساحتها في أمانة العاصمة من ميدان التحرير إلى ساحة الجامعة تفادياً لأي احتكاك بعناصر الحزب الحاكم، وتفويتاً لمثيري الفتنة ومثل هذا الموقف الوطني والحضاري المسؤول من ناحية والمطالبة
الموضوعية والبناءة بتحقيق ما يحقق مصالح الوطن وبناء دولته الحديثة ونهضته من ناحية أخرى من قبل المعارضة وعناصر وطنية فيها، ذلك ما هو مطلوب منها، بل ومنتظر كدور تاريخي لم ولن يكون اليمن مفتقر لمن يضطلع به
من أبنائه الأبرار ولكن هذا رغم أهميته لا يكفي في دور المعارضة اليمنية المعاصرة، بل عليها أيضاً كثير من المهام والواجبات والمتطلبات الوطنية والتاريخية في هذه المرحلة الحساسة والحاسمة من أهمها بإيجاز ما يلي:
* الالتزام بالنضال السلمي كمبدأ وخيار وحيد في كل الظروف باعتباره الخيار الوحيد الذي يخدم المصلحة الوطنية ويحمي اليمن والحذر كل الحذر من الانزلاق في نفق الفتنة والعنف والمواجهة بأي صورة من الصور،
خصوصاً مع الحزب الحاكم لأن ذلك هو الشر المستطير الذي سيقضي على كل الأطراف ويحطم اليمن ولن يحقق أي طرف أي مصلحة خاصة عدا الفاسدين والحاقدين والمنافقين وأسيادهم في الخارج المتربصين باليمن والأمة.
* يجب أن تدرك المعارضة أن نيل السلطة مرتبطاً كلياً بمصلحة الوطن حاضراً ومستقبلاً وكل ذلك مرتبط بمدى بناء وقيام الدولة اليمنية الحديثة، الديمقراطية المؤسسية التي يسود فيها النظام والقانون فقط وبحق والقضاء على
الفساد وترسيخ حرية الرأي والتعبير دون إضرار بحرية الآخر، والنضال السلمي كذلك من أجل حماية الحقوق واستقلال القضاء والجيش في إطار حماية الوطن من أي انزلاق نحو الفتنة وبأي ثمن، ولكي تضطلع المعارضة
بدورها الوطني التاريخي هذا، يجب عليها أولاً أن يكون لديها برنامج وطني حقيقي وموضوعي لبناء الدولة اليمنية الحديثة وفق الأسس الحقيقية ومنها سالفة الذكر برنامج موجه للوطن سلطة وشعباً وجيلاً ووطناً ككل بلغة منفتحة
وموضوعية ومعبرة عن تطلعات الوطن والقاسم المشترك للكل وبمد اليد الوطنية للكل لأن مصلحة الوطن بكل مكوناته لن تتحقق إلا بمثل هذا البرنامج والتوجه بغض النظر عن مصدره وموقع جهته وليس برنامجاً بلغة صراع
السياسة والسلطة وكيل الاتهامات وتفنيد السلبيات ومساوئ السلطة فحسب دون بيان أي ايجابية لها ودعمها فيها وبلغة الضد المتعارضة مع الموضوعية.. فمثل ذلك لن يكون برنامجاً وطنياً ولن يحقق المصلحة الوطنية مهما كان
نموذجياً.
وإلى جانب ذلك ينبغي على المعارضة أن تدرك تماماً أن اضطلاعها بالدور الوطني والتاريخي في إقامة الدولة اليمنية الحديثة وفق أسسها الحقة والتي تطالب بها، وذلك يتطلب أولاً أن تجسد المعارضة هذه الأسس في ذاتها فكراً
وسلوكاً وثانياً والأهم أن تكون هي معيار علاقتها بالسلطة ونضالها السلمي وليس - معيار التقاسم أو الشراكة في السلطة والثروة- لأن التقاسم والاستحواذ على السلطة والثروة الوطنية يتعارض كلية مع قيام الدولة الحديثة التي
فيها السلطة والثروة ملك للشعب والوطن ويحكمها النظام والقانون وبما يحقق نهضة الدولة والحياة الحرة الكريمة لكل أبنائها وأجيالها.
* لتحقيق المعارضة لدورها وفق السابق، ينبغي على المعارضة أن تمد الدعوة واليد المنفتحة المسؤولة للحزب الحاكم لقيام الحوار الوطني الشامل والبناء من أجل ترسيخ أسس الدولة الحديثة وحل مجمل القضايا التي تعيق ذلك
وليتحمل كل طرف مسؤولياته أمام الله ثم أمام الوطن والتاريخ والابتعاد في هذه المرحلة بالذات عن الدعوات الطائشة غير الموضوعية، الداعية لإبعاد الرئيس وإسقاط الحزب والنظام الحاكم لعدة اعتبارات:-
أولها: إن الرئيس منتخب عبر انتخابات رئاسية تنافسية مع المعارضة بنتائج معترف بها في الدورة الرئاسية الثانية والأخيرة والتي لم تنته بعد.. وثانيها: أن للحزب الحاكم مؤيدوه ولهم حجمهم وللمعارضة مؤيدوها ولها
حجمها ومطالبها الوطنية والكل يمتلك السلاح لذا فأي مطالب أو مواجهة غير مبررة تستهدف كل طرف للآخر هي فتنة ولا دستورية ولا وطنية لأنها ستؤدي كما سلف بيانه إلى تمزيق كل لذاته وانهيار الوطن.
* أخيراً ينبغي أن تكون لاءات المعارضة متكاملة وموضوعية لا للفساد، ولا للاستبداد، ولا للثلاثية معاً، لا للتوريث السياسي والإداري ولا للإمامية ولا للانفصاليةـ ولا لإثارة الفتنة والكراهية والفوضوية.
ونعماتها كذلك نعم للحوار الوطني الشامل والبناء، ونعم لإقامة الدولة اليمنية الحديثة، ونعم للوحدة والتوافق والتضامن والبناء الوطني والحضاري الخلاق وفي إطار النضال السلمي باعتباره الإطار الكفيل بتحقيق أهداف
الشعب ومصالحه قال تعالى "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة".
ثالثاً: الشباب:-
يجب أن يدرك شباب اليمن أنهم تاريخ اليمن وحاضره ومستقبله بدولته الحديثة وأن أي تهديد للوطن بجوانبه الثلاثة هذه وبأساسياته وأركانه الأربعة "الإنسان والأرض والدولة والحضارة" وبكيانه الواحد "الوحدة" هو تهديد
لحاضرهم ومستقبلهم وأجيالهم وفي هذه المرحلة التاريخية تقع على عاتقهم مسؤولية عظمى أمام الله ثم أمام الوطن والتاريخ وأمام وجودهم ومصيرهم تتمثل بحماية وبناء ونهضة اليمن والتي تعتبر حماية وبناء ونهضة حاضرهم
ومستقبلهم ومستقبل أجيال اليمن القادمة وإثبات وجودهم وضمان مصيرهم وهذه المسؤولية تتطلب منهم جميعاً أفراداً وجماعات العديد من المهام والمسؤوليات من أهمها:-
- ترسيخ عرى المحبة والوحدة الوطنية ونبذ كل صور الفرقة و الكراهية في اليمن وترسيخ ثقافة بناء الدولة الحديثة.
- رفض ودرء أي صورة من صور الفتنة والتمزق والفوضى من أي طرف أو جهة.
- أن يكون ولاؤهم وتبعيتهم لله وحده ثم لليمن ومن أجل بناء الدولة والنهضة اليمنية الحديثة ومد يد العون والتأييد لكل من يعمل من أجل ذلك بحق سلطة أو معارضة، ورفض كل أشكال وصور العنف والكراهية والتخلف والفرقة
والتبعية وليكن نضالهم من أجل ذلك نضالاً سلمياً حضارياً نهضوياً حريصاً على اليمن بكل أبنائه وبتضامن من كل الأطراف و التقائها على أمر جامع هو اليمن بإيمان وحكمة وسيادة القانون والمؤسسية ودون معاداة أي طرف
والمعيار مصلحة اليمن وفق هذا الدور والمسؤولية.
ومن يحيد عنها من سلطة أو معارضة قولوا له: لا.. بلغة الابن والمسؤول البار، الحريص على مصلحة اليمن وحرصاً على الكل وأخذ أيادي الكل في سبيل مصلحة الكل "اليمن الحبيب وبناء دولته ونهضته".
وأخيـــراً وليس آخراً لا بد من تذكير ملأ اليمن المعاصر بسنة الله فيهم وهي أن عزتهم ومصلحتهم جميعاً بالإيمان والحكمة والوحدة والشورى وسيادة النظام والقانون والقضاء والدولة المؤسسية والبناء الحضاري وأن الفتنة والفرقة
والإعراض عن الإيمان وأسس أصالة دولتهم وحضارتهم القديمة والحديثة بذلك تمزيقهم شر ممزق وفي ذلك آيات لكل صبار شكور.. والله ثم اليمن من وراء القصد.
د /أحمد عبدالحافظ الحضرمي
عاجل إلى ملأ اليمن المعاصر 2 1807