قامت ثورة "26" سبتمبر 1962م وأعقبتها ثورة "14" أكتوبر 1963م للقضاء على الإمامة وما تمثله من فقر وجهل ومرض.. وثورة أكتوبر لإخراج الاستعمار وسلاطينه وبدأت الدولة بناء المدارس في طول البلاد وعرضها في مدنها وريفها وتعشمنا خيراً لنا ولأبنائنا بقيام دولة النظام والقانون وانتهاء الاقتتال الطائفي والقبلي والمناطقي الذي يغذيه الجهل والإمامة والاستعمار وازداد تفاؤلنا حين رأينا الجامعات تغطي أغلب محافظات اليمن.
وتحققت الوحدة فناطحت رؤوسنا السحاب افتخاراً واعتزازاً بماضٍ مجيد ومستقبل مشرق وضاء.. لكن ما نراه في ميدان التحرير الذي كنا نرتاده للفرح بأعياد الثورة وإشعال الشعلة.. ما نراه اليوم في ميدان التحرير وأمام جامعتي صنعاء والإيمان والميادين العامة في كل محافظات الجمهورية يشكل انتكاسة لهذا الحلم الجميل وغصة في حلوقنا.
ما يتجدد يومياً أمام جامعة صنعاء هذا الصرح الشامخ الذي كان مصدر فخر لكل اليمن.. كونه أول صرح علمي يرتاده أبناؤنا لينهلوا العلم الذي يبني جيلاً متسلحاً بالعلم لينهض باليمن السعيد نراه يتبخر بفعل فاعل.. فتصبح بوابة الجامعة مكان التقاتل وتبادل السباب وإثارة الذعر.
دعاة الوحدة وبناء اليمن الجديد بالأمس تحولوا لشعورهم باهتزاز المناصب.. إلى دعاة للقبلية والمناطقية والمذهبية وكأني بهم يرددون "إذا مت ظمآن فلا نزل القطر".. أو"أنا ومن بعدي الطوفان".
استهوتهم السلطة حتى اعتبروا أن دونها يهون كل شيء.. فما لم يحققه الاستعمار البريطاني وحكم الإمامة لقرون من زرع الشقاق والفتن يحاول هؤلاء تحقيقه ولكن ثقتنا بالله وبالإنسان اليمني الحكيم ستحبط محاولاتهم.
فأين ذهبت كل تلك الشعارات الرنانة وهم يحشدون البسطاء من القبائل بعصيهم وخناجرهم في الميادين وأمام الجامعات بدلاً من قيامهم بزراعة الأرض.. لقد استخفوا بالوطن والمواطن وحولوها إلى قبلية وثارات.. ولن يغفر لهم التاريخ.. سكت الدهر عنهم زمانا.. لكن أبكاهم حين نطق.
اليمن تنادي كل أبنائها.. أنا اليمن فلا تجزئوني.. ولا تهدموا بنياني.. ومعذرة للشاعر فأنا أتساءل: لمن كل هذه الهراوات لمن لمـن؟!!.
عمر علي الدبعي
اليمن تناديكم.. 1932