من الواضح ان الحزب الحاكم لم يتعلم من درسي تونس ومصر، ولم يستفد من أي تجارب وأحداث، واظهر قدراً كبيراً من الجمود والتبلد والعجرفة والعنجهية، وهذا ما برز خلال الأيام الماضية من خلال الأعمال التي قام بها المؤتمر لمواجهة التظاهرات الشبابية والاحتجاجات الشعبية سواء التي تطالب بإصلاح الأوضاع أو المطالبة بإسقاط النظام.
ولا شك ان أعمال البلطجة والمظاهرات المضادة والتصرفات اللامسؤولة التي يقوم بها بعض قيادات ورموز الحزب الحاكم، سوف تؤدي إلى نتائج سلبية بل وكارثية، وليعلم هؤلاء ان من أهم أسباب وعوامل نجاح الثورة في مصر وسقوط النظام يعود إلى الممارسات السيئة والتصرفات الطائشة التي قام بها الحزب الحاكم بالتعاون والتؤاطؤ مع بعض الأجهزة الأمنية، والمشكلة أن الأخ رئيس الجمهورية يبذل جهوداً لاحتواء التداعيات وإصلاح الأوضاع، ويأتي هؤلاء لتضييع وتشويه أي جهود للإصلاح وأي آمال في المعالجات السلمية.. والحق ان ما يقوم به المؤتمر وما يفعله المشترك يثبت أنهما أصبحا مشكلة في ذاتها وأزمة في وجودهما السياسي، وهذا ما يدفعنا لمطالبة الأخ رئيس الجمهورية بالقيام بإصلاحات حقيقية وجذرية وبعيداً عن المؤتمر والمشترك، فالرئيس اليوم في مواجهة مباشرة مع الشعب والشباب المطالب بالإصلاح والتغيير.
وقد حان الوقت الذي يقدم فيه الأخ الرئيس استقالته من رئاسة المؤتمر الشعبي العام، وترك الحوار الذي لا طائل من ورائه ولا هدف واضح من بقائه، فالناس والشعب يريد إصلاح الأوضاع، والواقع يؤكد على ان الإصلاح والتغيير لن يتم إلا بطريقتين الأولى ان يقوم الرئيس نفسه بهذه المهمة وقيادة الثورة التصحيحية والتحولات الإصلاحية، والطريقة الثانية ستكون في حال فشل أو عجز أو تباطؤ الرئيس ستكون عبر الثورة الشعبية والانتفاضة الشبابية، والتي لا يستطيع أحد التنبؤ بنتائجها ولا التكهن بمساراتها ومآلاتها، لأجل ذلك فإن غالبية اليمنيين وما زالوا حتى اليوم يراهنون على مقدرة الرئيس وإمكانية قيامة بالإصلاحات المطلوبة والتغييرات المنشودة، وان هذا الطريق هو الأقل تكلفة والأسلم والأصلح لليمن ولليمنيين، وباعتقادي ان من أهم أولويات الرئيس في سياق الخطوات الإصلاحية القيام بصورة عاجلة بإصلاح المؤسسة الأمنية والإعلامية، فلا بد من تحرير الإعلام الرسمي وتغيير وزير الإعلام أو حل الوزارة وتشكيل مجلس أعلى للإعلام، ولا بد في هذه المهلة من رفع هيمنة الحزب الحاكم والحكومة على الإعلام الرسمي وخاصة القنوات الفضائية التي أصبحت تؤدي دوراً سلبياً وعملاً عكسياً.. ان تحرير الإعلام الرسمي واستقلاله وحياديته يعتبر من أهم الخطوات التي تثبت حسن النية والمصداقية في إحداث عملية إصلاح حقيقية، وبالنسبة للمؤسسة الأمنية وأجهزتها المختلفة فإن عليها ان تدرك طبيعة المرحلة وكيفية التعامل معها بحنكة وحكمة ومسؤولية عالية وبروح وطنية صافية وكاملة، وهذا يتطلب القيام بتغييرات كبيرة وتعيينات جديدة، وعقد دورات ولقاءات توعوية لأفراد وضباط وقادة الأجهزة الأمنية في أمانة العاصمة وعموم محافظات الجمهورية.. وبناءً على ما سبق فإن واجب الوقت يقتضي القيام بإجراءات فورية لإصلاح وتهذيب وترتيب أولويات ومهام ودور الأجهزة الأمنية وإدارتها بطريقة حضارية وبرمح وطنية بعيداً عن الضغوط الحزبية والعوامل السياسية، وهذا الأمر ينطبق على المؤسسة الإعلامية بأجهزتها المختلفة، العمل باستقلالية وبكل حرية وشفافية ومهنية، وليعلم الأخ الرئيس ان وضع قيود جديدة على الإعلام الحزبي والأهلي والخاص والتضييق على الانترنت والمواقع ووسائل الإعلام الأخرى، ان مثل هذه الاجراءات والتصرفات ليست في مصلحة الرئيس وإنما ضده وسوف تؤدي إلى زيادة النقمة وتعجل بالسقوط والانهيار، فلا تصدق بطانة السوء وجوقة المنافقين والمنتفعين، واسمع واستمع لكلام الناصحين الذين يريدون تقديم النصيحة الصادقة والنقد البناء وابتغاء مرضاة الله وحفاظاً على الوطن من الفوضى والانهيار والضياع والخراب، وبالمناسبة فإن المطالبة بإسقاط النظام لا تعني بالضرورة إصلاح الأوضاع والانتقال إلى الأفضل، ذلك ان التغيير قد يكون إلى الأحسن وقد يكون للأسوأ، بالإضافة إلى ذلك فإن إسقاط النظام يعني إسقاط السلطة والمعارضة، باعتبار النظام يتكون من سلطة ومعارضة، فلا يعتقد المشترك أنه سيكون بديلاً للسلطة الحالية والحزب الحاكم في حال سقوط النظام، ومن الواضح ان المشترك مثل المؤتمر يعيشان هذه الأيام في غيبوبة وغياب بانتظار يوم الحساب والخلاص، والإصلاح والتغيير قادم ولا شك سواء جاء من الرئيس أو من الثورة الشعبية..
