حقيقة إنه من المحزن ويحز بالنفس ما تقوم به بعض القنوات الأخبارية من إثارة وإشعال للأحداث سوى كانت صغيرة أو كبيرة أو اصطناع ما لم يحدث بعد!!.
فقد رأينا الأحداث المتسارعة على مستوى الساحة العربية عموماً ورأينا الدور الإعلامي في تلك الأحداث، ولكن يجب أن نفرق بأن كل دولة من الدول لها وضعها وتركيبتها المغايرة عن الدولة الأخرى.. فلا يجب أن تتخذ تلك القنوات نفس الأساليب والإثارة للأحداث أو التعمد في إشعالها دون مراعاة للخصوصيات أو ما سيحدث والذي بالفعل قد حدث في بعض الدول العربية من إراقة للدماء وانفلات للأمن دونما يستحق ذلك فالدم العربي المسلم أكرم عند الله من كل شيء.
ونحن هنا في اليمن نعاني أيضاً من السياسة التي تتبعتها تلك القنوات الأخبارية وفي التدخل في الشئون الداخلية والتي تخص اليمنيين فقط دون غيرهم، والمحزن أنني عندما أتابع أحد البرامج في إحدى تلك القنوات وتعمد مذيع البرنامج إثارة من كان يقابل معه وهو أحد أعضاء المعارضة وأخباره كيف ستتحاورون مع السلطة ولماذا لا يصح الحوار.. يعني بالمختصر كان يريد إشعال فتنة وإثارتها.. لا لشيء إلا أن يكون بعدها فقط "سبق إعلامي" وعلى حساب من سيكون ذلك السبق على حساب إراقة دم مسلم أو اشتباك بين المواطنين والأمن أو المواطنين فيما بينهم.. فأين الرسالة الإنسانية والخيرية للإعلام والتي غيرتها تلك القنوات وأصبحت رسالة للأحقاد والضغائن والكراهية والتخريب والتحريض وللتأزيم والتفريق!!.
مؤسف ومحزن أن تحاول تلك القنوات "الفتانة" ومن يريد للوطن الخراب والدمار وتنفيذ أجنداته الخارجية بالسعي لإشعال فتنة بين أبناء الوطن الواحد والأخ يشتم أخاه والجار يضرب جاره.. فما هذا؟! هل هذه الحرية والديمقراطية التي تتمناها وتوصينا بها دول الغرب؟!.
وحقيقة إننا قد سررنا جميعاً عندما علمنا بأن أحزاب اللقاء المشترك قد وافقت على مبادرة رئيس الجمهورية ولم تكتمل فرحتنا بأن الصف اليمني الواحد سيتجمع وأن أبناء الوطن الغالي سيخرجون بالوطن إلى بر الأمان إلا ورأينا خبراً في إحدى تلك القنوات "الجزيرة" يبث بأن اللقاء المشترك تراجع!!، بالتأكيد سبق صحفي لها!!.
ولا نعرف لماذا التنازلات وقبول التصالح من أجل الوطن وشعبه وإخراج الناس من الفتن أصبح شيئاً صعباً.. أقلها لكسب الخير، لإرضاء الله وضمائرنا من ذلك كله.
وأقول أننا لا نريد أن نجعل مصيرنا معلق بيد تلك القنوات ولا نريد من البعض أن يفرط في حماسه من أجل تقليد ما حدث في تونس ومصر بحجج لا تستحق أن يحدث لأجلها أي مكروه للبلاد لا سمح الله.
فنحن والحمد لله لا يوجد عندنا دخول للمساجد بالبطائق ولا قانون طوارئ وهذا أبسط الأمثلة التي كانت تعيشها تلك البلدان.
ولا يتحمس البعض أيضاً للتقليد حتى على مستوى الشعارات والألفاظ والجمل وترديدها هنا دون تفريق، ولكن فقط لشيء اسمه حب "التقليد".
ولنعلم أن بعد قيام الثورة في تونس أصبح الوضع أكثر بأس من السابق ونزح إلى اليوم ما يقارب "6" آلاف مواطن تونسي إلى خارج البلاد هرباً من الجوع والبطالة والانفلات بعد ما كان وضع تونس أفضل مما هو عليه الآن.. إذا لم تكن من أفضل الدول عيشاً.
والغريب أن القنوات "الفتانة" لم تعد تتحدث عن سوء الأوضاع بعد الثورات سوى في تونس أو مصر أي الإفصاح عن السلبيات التي تحدث لأن هذا لا يروق لها ولا أبالغ عندما أقول أنها أصبحت مثل "إبليس" عندما يغوي ويجر البشر إلى عمل آثم أو معصية ويقول بعدها "إني بريء منكم".
ولنتيقن جميعاً بأنه لا سمح الله وحصل أي مكروه للوطن أو انفلات أو مغامرة "عشوائية" من المقلدين.. بأننا -وأقولها مراراً وتكراراً- أكثر تسلحاً وأكثر عنفاً وأكثر تعصباً وأن الوضع بعدها لن يتحول حتى إلى دويلات أو مقاطعات ولكن إلى شلل وميليشيات ولن يستفيد بعدها أحد سواء من أراد ذلك للوطن الحبيب الغالي أم لم يرد، لكن قد آن الأوان أن يطلق الجميع النوايا الحسنة الصادقة والالتفاف والتحاور تحت السقف الواحد وإبداء التنازلات وعدم التشرط وتصعيد الأمور على الجميع، ومعرفة أن الصلح خير ولم الشمل والمبادرة بالخير تحسب عند الله عز وجل و ترفع الدرجات وإنه ما من شيء يستحق أن يحصل مكروه لأحد أو للوطن وإن الآخرة خير وأبقى، والدم اليمني أغلى من كل شيء.
ولتعلم تلك القنوات "الفتانة" أن اليمن وشعبه سواء سلطة أو معارضة أو أي أطياف أخرى يضعون اليمن أولاً وأنه لا للاختلافات ولا الأحزاب ستفرق بيننا وإن هناك شرفاء وعقلاء كثر في كل مكان سيتحملون مسؤولية إيصال البلاد إلى بر الأمان، دون وصاية أو تدخل من أحد.
ونتمنى من تلك القنوات أن تترك اليمن وشؤونه وما يحدث بداخله لليمنيين فقط.. فهم أكثر الناس إيماناً وحكمة وشهامة ورجولة من غيرهم.
وأقول لها كما قال الرسول الكريم –عليه الصلاة والسلام- :" من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".. ومن نطق فلينطق بالخير أو ليصمت، كما علمنا وأخبرنا ووجهنا بذلك النبي – صلى الله عليه وسلم.
وعلينا أن نصلح ذات بيننا بالحب والود والتفاهم والتفاؤل مهما كان ولنعم أن هناك من يتربص بنا وبوطننا لإدخاله إلى المجهول وإلى التفكك والخراب وعدم الاستقرار والأمان.
ونسأل الله العلي العظيم أن يجنبنا ووطنا كل مكروه ومتشائم لا يريد سوى لغة دمار وخرب والذين لا يرغبون في أي شيء إنساني وحضاري وجميل لأنهم نشأوا في بيئة "الإحباط" والكراهية والعداوة للحياة الآمنة.
هاني محمد حلبوب
قنوات الأخبار.. وإشعال النار 1845