تعقيباً على مقال سابق حول ثورة الشباب التي قلبت الموازين وأربكت الساسة داخلياً وخارجياً وأذهلت الجميع لأنها جاءت من حيث لا يتوقعها الناس، خصوصاً في البلدان العربية التي عانت شعوبها ودفعت أثماناً باهظة من الدماء
والأموال والقدرات كضريبة للثورات التي قامت فيها ولم تتعود الشعوب على هذا الشكل من الثورات وبهذا المستوى المختلف عن الكثير من الانقلابات التي أطلق عليها أصحابها مسمى الثورات والتي كانت في معظمها دموية تأتي
بنظام وترحل بآخر على ظهر الدبابة وقوة السلاح!.
لم تهز ثورتهم الأوطان وتفرح الشعوب وتزلزل أركان الاستبداد والطغيان فحسب، فمن كان يرقب تصريحات الساسة في أميركا يدرك مدى الإرباك والذهول الذي صنعه هؤلاء الشباب لدى صناع القرار وراسمي السياسة
الأميركان جعلهم يبدون كالسذج الذين لا يفقهون أبجديات السياسية في تناقض تصريحاتهم واضطرابهم وترددهم.
وهو إثبات على وطنية هؤلاء وصدقهم وإخلاصهم لأمتهم حين بدو غير مهتمين بقول أحد أو تصريح آخر سواء ادعى أنه من الشعب ومع التغيير والإصلاح ومحاولة ركوب الموجة كالأميركان أو الذين يشبهون الحال بثورتهم التي
هي أكثر تعاسة وشقاء من الثورات العربية بما هي عليه من استبداد ممزوج بكهنوت ديني مغلوط مع خطاب الخامنئي الذي اضطر فيه لتكلم اللغة العربية الفصحى ظاناً أن أسماع الجميع منصتة له ولخيبته وترهاته.
ثورة الشباب التي تبحث عن الأفضل وتهدف إلى ترحيل الأسوأ تبحث عن مستقبل الشعوب واستغلال إمكانياتها لخدمة أبنائها لا لخدمة حزب أو جماعة أو فرقة أو طائفة أو شخص.
أدرك النظام في تونس حجم الثورة بعد فوات الأوان ولهذا لم يجد مجالاً للتراجع أو المماطلة لأن الأوان قد فات فلم يجد سوى الرحيل.. واستبعد الجميع حدوث ما يحدث في مصر اليوم، معللين ذلك بالأسباب والتحليلات
الكثيرة، ولكن أثبت الشباب أن المستقبل مستقبلهم والأوطان تحتاج إليهم ولذا كانت ثورتهم في مصر بحجم مصر.
وأدرك النظام أنه اخطأ ولهذا يحاول إصلاح ما أفسده، ولكنه تأخر وهو على وشك الرحيل بسبب مطالب الجماهير وذنوب النظام وسوء التعامل والتعمد في الظلم الذي يبدو واضحاً من معرفة النظام المتأخرة بالفساد والمفسدين الذين
كانوا على رأس الحزب الوطني وقيادات الدولة..
أدرك النظام خطورة السكوت على أحمد عز وجماعته من ناهبي المال العام بعد فوات الأوان وفي مقابل أحمد عز كان يقال للشعب: طز.
هي الأحداث تتشابه وجماعة أحمد عز ليست في مصر وحدها بل هي موجودة في كل الأنظمة العربية.. فهل تعي هذه الأنظمة ما يحدث؟، هل تعي الأنظمة أنه آن الأوان لتوقيف أشباه أحمد عز وجماعته في كل الدول ووضع
يد الدول على أرصدتهم وبدء محاكمتهم قبل أن تحاكم الشعوب الأنظمة وتطالب برحيلها؟.. نتمنى ذلك والعاقل من اتعظ بغيره.
علي الربيعي
ثورة تصحح مسار الثورات "2" 1622