هي رؤية بسيطة ومتواضعه سأقولها لمن دعا إلى الخير والتلاحم والاصطفاف والتسامح والتصالح ونبذ الأحقاد والضغائن ودعا مراراً وتكراراً إلى الحوار.. لا تحزن.
فقد علمتني الحياة أن من يحب بصدق لا يستطيع أن يكره وعلمتني أن الابتسامة مفتاح لدخول القلوب وأن الدخول هو الدخان سواء كان من الحطب أمن البخور وتعلمت منها أن مهما كبرنا نظل أطفالاً نحتاج إلى لطف وحنان.
علمتني أن القلوب نوادر ومن النادر العثور على قلب أندر من الماس في دنيا الناس وأن الحرص على قلب هو أعظم من الحرص على كنز وأن النفوس معادن أغلاها وأحلاها من كان بها قلب يفقه ويتذوق ويتأهم.
ولا تحزن فلن أطلب من الأشواك أن تفوح بالعطور وأطلب من الصحراء أن تنبت لي الزهور وأطلب من فاقد الإحساس أن يهتهم بالشعور..!
لا تحزن فنحن نعلم أن الله عز وجل قال: (( إنما المؤمنون أخوه فأصلحوا بين أخويكم)).
لا تحزن فهكذا هي النفس البشرية تقابل الإحسان بالنكران والكرم بالجحود، وأن معلم البشرية قد قال: (مثل المؤمنون في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
لا تحزن لأننا نعلم أن هناك من يقول: إن من يحكمنا هو بشر ويخطئ وأنهم لن يخطؤا والخير بأيديهم فهم ملائكة ـ على حسب تعبيرهم.
لا تحزن فمن عظمة ديننا عدم الخروج على ولي الأمر مهما كان، إلا إذا استباح الكفر ولكن البعض يفتي ويحلل ذلك وتغيير ما فهمناه.
لا تحزن فقد بنيت المدارس والجامعات وأخرجت البعض في بعث كي يتعلموا ويتعرفوا على ما ينفعهم ووطنهم وإخراجهم من الجهل الذي كان يحيط بهم ولكن بعض الفئات منهم أصبحوا متعلمين ومثقفين فقط كيف يزايدون ويبثون
الكراهية والحقد ومغالطة البسطاء وكيف تثار عواطفهم ونكران الجميل.!!.
لا تحزن فنحن ندرك بأن ليس كل من في السلطة فاسد وليس كل من في المعارضة خير.
ولا تحزن فنحن نعلم أن الأمن والاستقرار هو البناء والحياة وهو التقدم وأن وضعنا أفضل بكثير والحمدلله من غيرنا وأن الله هو من أمرنا بأن نشكره ونحمده في أي حال ومهما يكون وهو سيزيدنا من خيره وعطناه.
وأن هناك من يزايد ويغالي ويفتري ولا يذكر إلا ما هو سلبي وينكر كل ماهو إيجابي حتى مع معرفتهم لحديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، (من قال إن الناس قد هلكوا فهو أول الهالكين).
لا تحزن فقد ابتعدنا عن ديننا ولم نعد نعرف كيف نتعامل مع قضايانا بالصبر والحكمة بعيداً عن الفوضى وإثارة الفتن وعن الظغينة مهما حدث وإن تلاحمنا وتوحدنا هي قوتنا وإن العكس من ذلك سيفرح أعداءنا.
فنحن نعلم أن أعداء الإسلام والأمة العربية ووطننا بالذات كثير وأنهم يسهرون ليلاً ونهاراً لا من أجل راحتنا ولكن من أجل كيف يفرقوننا ويقسمون ويشتتون رأينا وكيف ينحر ويؤذي كل منا آخاه متناسين قوله تعالى: (( ولن
ترضى عنكم اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم)).
وما من شيء يستحق حتى يكون ذلك وأن عند الله أن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عندالله من أراقة دم مسلم كما قال وأخبرنا بذلك نبينا ـ صلى الله عليه وسلم، ونعرف أن الحياة الدنيا فيها خير وشر ومفسد ومصلح وأن الحظ قد
يكون شيء أو عاثر وأنه إذا حصل أي شيء سيء من أمور الحياة بحكم الله عز وجل.
رغم أن الإسلام قد أوضح في القرآن الكريم تعرض البشر والمسلمين لنقص في الأموال والثمرات وشيء من الخوف لكي يعرف الصادق والصابر وللامتحان.
لا تحزن فقد أثبت الشعب اليمني الرائع بأنه شعب وموطن الحكمة والإيمان وتحقق قول رسول السلام بقوله (إذا تكاثرت عليكم الفتن فعليكم بأهل اليمن) وقوله صلى الله عليه وسلم،: (هم أرق قلوباً وألين أفئدة الإيمان يمان
والحكمة يمانية).
وقد أثبت ذلك العقلاء والشرفاء من أبناء الشعب في مسيراتهم وتعبيراتهم ومواقفهم وأن من كان يصف اليمن بالتخلف والجهل قد رأى بعينه كيف نحن وكيف نعبر عن الآراء دون تخريب وفوضى وأننا أفضل ثقافة وخلقاً ومراتب
عليا.
ولا تحزن فأنا أعرف أن اليمن أغنية جميلة لا تمل وأنها ذلك الحب الذي لا يتوقف وذلك العطاء الذي لا ينضب وأناديه دوماً... أيها الوطن المترامي الأطراف والمستوطن في القلوب.. أنت فقط من يبقى حبه وأنت فقط
من نحب.. وطني أرجو العذر إن خانتني حروفي وأرجو العفو إن نقصت قدراتي.. فلو عبرت عن كل ما بداخلي لن يكفيني مجلدات لذلك، ولكن ستبقى الحب الأبدي ولا تلتفت إلى من يخونك.. فهم أحقر من أن تلتفت
إليهم ولا يؤلمك الذين يسيؤون إليك فهم أدنى من أن يشوهون سمعتك.
لا تحزن فالوطن سيبقى شامخاً شموخ قائده ومادام هناك من يحن إليه، ما دام هناك من يقبل ترابه ويجعله فوق كل اعتبار فلا تحزن ولا تحزن فأنت من أيقظت فينا روح التسامح والتنازل أو التصالح من أجل الوطن والحرص على
أمنه ووحدته في زمن اختفت فيه كل القيم.
ورأينا فيك حبك للسلام ودعواتك إلى الذهاب إلى طاولات الحوار أفضل من إثارات الضغائن والفوضى والخروج إلى الخراب بأخلاق.
لا تحزن أيها الرئيس القائد فأنا أعلم أنه مهما كان فأنت الأب والقائد والإنسان دون جحود أو نكران.
هاني محمد حلبوب
لا تحزن.. فنحن بشر 1957