لم يكن الوطن بحاجة للمناكفات والمزايدات والاستعراضات، وعرض العضلات في الشارع، ولم يستفد الوطن من حركات مماثلة سابقة في مراحل تاريخية متفاوتة ومتباينة عاشها الوطن واكتوى بنارها ، وعاش مآسيها ، وأوجاعها، وآلامها ربما كان أهمها وأخطرها تلك المظاهرات والاستعراضات الصاخبة بداية التسعينات عقب قيام الوحدة اليمنية والتي ظلت تؤرق الوطن وتحرق أعصاب الجميع وتنشر الخوف والهلع على مستوى الساحة اليمنية، أدت بالنهاية إلى حرب 94م ، تلك الحرب التي هددت بتقسيم الوطن خصوصاً عندما راهن الكثيرون ممن كانوا يتربصون باليمن شراً بتقديم مليارات الدولارات بهدف كسب رهانهم والوصول إلى تحقيق هدفهم وهو صوملة اليمن وكانت النتيجة مخيبة لأمال هؤلاء لأن إرادة الله ثم إرادة الشعب كانت أقوى من تربص المتربصين وانتهت بنتيجة يمننة اليمن لا صوملتة.
واليوم التاريخ يعيد نفسه لأن الذين عاشوا تلك المراحل لم يستفيدوا من تجاربها ونتائجها.. والوطن لا يحتاج لهذه الاستعراضات المملة والمقرفة والتصريحات الأكثر مللاً وقرفاً فالصراع ليس تنافساً على الفوز بمباراة الكرة القدم ، ولكن الصراع يستهدف الوطن الذي يفترض أن يكون مقدماً لدى الجميع، وعلى الجميع العمل على خدمته والحفاظ عليه لا البحث عن المصالح على حسابه.. الوطن ليس مزرعة لتسمين عجول الفساد في المؤتمر، وليس حديقة لاستثمار أحزاب اللقاء المشترك يزرعون فيه ما يشاءون ويستخدمونه لتحقيق مآربهم وأهدافهم.. هل يدرك الجميع أن قواعد اللعبة تغيرت وعوامل كثيرة وجدت على الساحة لم تكن موجودة من قبل تهدد الوطن أرضا وإنساناً فرضت نفسها كواقع؟ أم أن الجميع لا تتعدى أبصارهم أصابع أقدامهم.
الوطن اليوم يحتاج من يكفكف دمه، ويلملم شتاته ، ويضمد جراحاته ويحتاج إلى التوقف عن المزايدة، والكذب، والزيف ، ومواعيد عرقوب التي لا يمكن الوفاء بها.
الوطن يحتاج إلى الصراحة، والمصارحة خصوصاً مع وجود قوى داخلية، وخارجية تتربص به أكثر من أي وقت مضى، تستغل الوضع الذي لا يمكن أن يوصف بأقل من المسيء ذريعة.. وتتخذ من شكوى الناس فرصة لتحقيق أهداف ، وأغراض لا يمكن تصورها أو توقعها ، أو تخيلها.
علي الربيعي
قليل من الصراحة 1698