هذا التشرذم الخطير الذي يجتاح الدول العربية اليوم باسم التظاهرات والانتفاضات الشعبية، لم يكن نتيجة السياسات الأميركية تجاه ما سمته مؤخراً بعد غزو العراق بالشرق الأوسط الجديد، حتى وإن كان ذلك في إستراتيجيتها، فما

يحدث من خلل على الساحة العربية نتيجة للعجز الكبير الذي تبديه الحكومات العربية إزاء متطلبات شعوبها الاستحقاقية والقانونية والمتلخصة في حقهم في العيش الكريم، تكبيل الحريات، الفقر والبطالة، الفساد والتنفذ، العمالة

والخيانة كل هذه أسباب رئيسية لتشرذم ساحة الوطن العربي وتفككها وتقهقرها إلى المجهول الذي لا تراه سوى أميركا وإسرائيل.
 فذلك يعني لها أهمية كبيرة فنظرتها الثاقبة قد قرأت هذا المشهد الذي نعيشه اليوم منذ سنين، لا أعتقد أن أي خلل وبالذات عندما يكون سياسياً على ساحة الدول العربية يخدم الشعوب العربية وتطلعاتها وآمالها في حق العيش الكريم

في ظل الأمن والاستقرار،فالتظاهرات التي تسيرها الأحزاب والقوى السياسية لا تخدم سوى أماني وتطلعات تلك الأحزاب، وما الذي ستفعله للشعب غير الفتنة والانقسام في ظل اللهث والمقاومة الشرسة من قبل الطرفين الحكومات

العربية ومعارضاتها، في سبيل الاستحواذ على السلطة وثروات الأوطان العربية.
لقد كان أحد الأسباب الرئيسية لنجاح الثورة الشعبية التونسية بعيداً عن ما نشب خلف الكواليس الداخلية لتونس والخارجية، أن الثورة كانت شعبية خالصة لم تحكها أحزاب أو قوى سياسية.. فإذا ما نشب خلاف حزبي سياسي

حول الوضع الجديد لتونس، فلا خير في ذلك وسيكون الشعب التونسي هو الضحية، نحن لا نحتاج من حكوماتنا العربية سوى الإصلاح المالي والإداري وتحقيق المواطنة المتساوية لشعوبها وتوفير ما يمكنها توفيره لهذه الشعوب

التي يتفاقم الفقر والبطالة بين أوساطها يوما بعد يوم، الغضب المصري لا يعبر أبداً عن حركة حزبية يقودها الإخوان المسلمون بمصر فإذا كانت تلك هي قاعدة الإخوان المسلمون، فما على الحكومة المصرية إلا الانقياد والإصلاح

الفوري الذي يمكن أن يضمن بقاءها، فالإرادة الشعبية تمثلت بقاعدة الإخوان، إذن لابد على الحكومات العربية التي لم يصلها إعصار الثورة الشعبية أن تقترب من شعوبها وتعالج أخطاءها وإخفاقاتها، قد ربما تستطيع بذلك مواجهة

المؤامرات التي تتحقق للطامعين والمغرضين باسم الثورات الشعبية.
 إن أي أجندات خارجية تتدخل في ما يحدث على الساحات العربية من غليان مرفوضة ومن يتعامل معها بغرض جلب التدخل مرفوض، لندع قرار الثورات الشعبية للشعوب التي تدرك جيداً ما الذي يخدمها وما لذي يمكن أن

ينعكس سلباً على إرادتها في حال التدخل الداخلي عن طريق فرض الأجندات الحزبية أو ذلك الخارجي الذي يأتي بالتفاوض مع الأحزاب السياسية خلف كواليس مظلمة لا تراها الشعوب، ليدرك جيداً الزعماء العرب أن ثمة طابور

خامس يقودهم وحكوماتهم إلى هاوية المؤامرات التي تستهدف أوطانهم لأغراض شتى أبرزها الأطماع الجانبية بالثروات العربية والمواقع الإستراتيجية التي تسعى الدول التي تحكم العالم للتواجد عليها، إذن يجب إلا يقع زعماؤنا

العرب ضحية هذا الطابور الخامس البشع، الذي يتعامل مع الشعوب بأساليب خلق الإحتقان والتأزم والنقمة على الأنظمة العربية وحكامها.. وأعتقد أن اليمن إحدى هذه الدول.
aldahiad@yahoo.com