تابعنا مؤخراً ما حدث ويحدث في جمهورية تونس الشقيقة على مستوى الحياة السياسية العامة.
إلا أن هناك سؤالاً يطرح نفسه: هل ما قام به الشعب التونسي هو الصواب؟! لأنه وكما تابعنا ورأينا العشوائية في الأحداث التي حدثت والانفلات المفاجئ للأمن والسكينة العامة والفوضى التي أدت إلى أعمال شغب وسرق ونهب وتدمير وتخريب للعام والخاص والذي رأينا أنها ثورة يستفيد منها "اللصوص والمجرمون" ولأننا لا نريد أن نرى عراقاً آخر في تونس أو في أي بلد عربي آخر.
بدايتها نكون بهذه الغوغاء والعشوائية وعدم حساب كيف ستكون العواقب وكيف ستؤول الأمور والأحداث بعد هذا الانفلات والتخريب نحن أيضاً نحترم حق الشعب التونسي في اختيار حكومته ولكن كانت هناك طرق أخرى أكثر فاعلية وبدون خسائر وتدمير وإرجاع تونس والتونسيين إلى البداية.. وهذا بالطبع ما سيرضي أعداء الأمة العربية.. أي أن العرب دائماً هم حقل التجارب حتى في ثوراتهم.. تكون نادرة على خلق الله.
واستغربنا لما سمعنا ورأيناه في داخل وطننا من بعض "هواة التقليد" والذين ما إن يحصل أي شيء وفي أي مكان حتى يريدون بعد ذلك تقليده دون النظر إلى ما نقلد والأخذ بعين الاعتبار الفوارق في الأوضاع وطبيعة العيش على حسب كل بلد، والأحداث التي يعشيها والنظر إلى ما قد يحصل بهذه التصرفات الفوضوية وإدخال الناس في متاهة هم في غنى عنها.
وللأسف.. إن من ضمن هؤلاء المقلدين هم طلاب جامعيون وخروجهم بدوافع من جهات غير مسؤولة ومراعيه لما سيحدث لا قدر الله لو حصل أي اختلال أو انفلات في وطننا،لأننا جميعاً نعلم ما حصل في تونس من غوغاء وانفلات وسرق ونهب وتدمير وأصبحت المحلات والشركات سواء العامة أو الخاصة مسرحاً لمن هب ودب "وهات يا نهب" هذا دون الأضرار المادية والبشرية والاقتصادية والسياسية التي لحقت بدولة تونس الشقيقة.
وما أقصد قوله هو أن هؤلاء "هواة التقليد" في بلادنا والذين يخرجون للشوارع يريدون على حسب كلماتهم "التغيير" وتفكيرهم بالبدء بالإثارة للفوضى ولولاء تصدي رجال الأمن لهذه النوايا فإنه الخبيثة فإنه لا قدر وحدث ما يرسمون له ويخططون وصرنا مثل تونس فأننا أكثر عنفاً وأكثر تسلحاً وكيف سيكون الوضع بعدها من تفكك وتخريب وتدمير وتجزيء وتقسيم ليس حتى إلى دويلات ولكن إلى شلل وعصابات وكيف سيكون وضع الأمن في المجتمع بوجود الإرهاب والتخويف وتشريد العائلات، ولن يستفيد حينئذ أحد لا سلطة ولا معارضة ولا حتى المواطنون والذين سيكون الطوفان مدمراً للجميع دون استثناء لأحد، وأقول لهؤلاء: إن هذا بعدها لن يكون "تغيير" ولكن سيكون "تدميراً" لشعب بأكمله والرجوع به إلى الصفر وإلى "سنوات الضياع".
وأعجبني موقف إحدى الأمهات التي كانت متواجدة بجانب هؤلاء "العشوائيين" والتي ما إن سمعت وتفهمت كلماتهم التي كانوا ينادون بها إلا وفقدت شعورها وبدأت بالصياح عليهم وبوصفهم بأنهم خونه والاستهزاء بتعليمهم الذي لم يعرّفهم كيف هو حب الوطن والمحافظة عليه مهما حدث وبأنهم بتصرفاتهم هذه يريدون إغراق الشعب وإدخال الناس في فوضى وأنهم لم يعرفوا معنى الجوع والتشرد الذي كان يعانيه الناس في الماضي.
وقد عرضت هذه المرأة في عدد من القنوات وهي طبعاً أقل تعليماً منهم لكنها أكثر حرصاً على وطنها ممن رأت أن العلم والتعليم لم يؤثر بهم في كيفية المحافظة على أوطانهم، كما أريد أن أقول: إنها ليست موضة وملابس أو قصات شعر ظهرت هنا أو هناك.. ونحن بدورنا كما هو معهود نقوم بتقليدها كيفما كانت تكون لأن ما قاموا به يدل على ذلك ومعرفتهم كيف كان ا لرئيس التونسي ـ زين العابدين بن علي ـ وكيف كانت نظرته للإسلام وأن تونس في عهده أصبحت دولة عربية ومسلمة بالاسم فقط.؟! وكيف كانت نظريته على مستوى الحجاب الإسلامي وتحريمه في تونس حتى للزائرين من المسلمين وإن كانت هناك امرأة محجبة فلا بد أن تخلع حجابها.وعلى قول قائل "الرئيس التونسي خلع الحجاب فخلع الله ملكه" ونعلم أنه لم يسمع صوت المؤذن في التلفزيون والإذاعية التونسية إلا مؤخراً.
ونعرف كيف كان يعامل شعبه بالكبرة والأنانية والجبروت والدكتاتورية الفعلية، وعلى حسب تحدث أخوان التونسيين بأن الكلام والعبارة الوحيدة التي اعتبروها بأنها أجل العبارات التي وجهت في خطاباته إليهم هي عبارة قيلت قبل رحيله وهي "لقد تفهمت الآن"!
أمور وأشياء عديدة كانت تحصل وتحدث هناك عرفناها أم نجهلها فنحن هنا في اليمن لا نقارب بما كان هناك.
وأنه بالفعل "علي غير بن علي" وجميعاً وبصدق الكلمة نعرف عن حكمة الرئيس/ علي عبدالله صالح وإنسانيته وعن مواقفه الايجابية الكثيرة وعن الحرية والديمقراطية التي نعيشها وتفتقر إليها معظم والأقطار العربية.
ونحن أيضاً لا ننكر أن هناك تقصيراً في بعض الأمور وأن هناك فساداً مالياً وإدارياً وأن هناك اختلالاً في بعض المرافق وعدم خدمة المواطن بشكل نموذجي وميسر.
وفي اعتقادي أن السيء والمصلح النزيه يتواجد في كل مكان وأن الخير والشر مقترنان إلى يوم القيامة وهذا بقوله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وإن كنا نريد تغييراً فإن الله لن يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. وأن تسوية وتصليح ما هو موجود أفضل ومحاربة الفساد والمفسدين أينما وجدوا والإصلاح المالي والإداري وتفعيل الدور الرقابي المحاسبي وتفعيل دور الذمة المالية ومن أين لك هذا.. ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وهذا كله بالطرق السليمة والمتاحة لا أن نخرب وندمر ونكسر ونثير الفوضى ونعطل مسيرة البناء والتنمية.. فهذا لا يكون تغيير؟
ولا بد أن نعرف أن المدمر والمخرب والمفسد وكل من سينهب خيرات هذا الوطن في درجة واحدة..!
وأنا استغرب ممن يتصفون بأنهم الجانب الخير هنا وأن النجاة على أيديهم رغم تجربتهم على حسب ما علمنا في السابق والذين أثبتوا من خلالها إخفاقهم في تولي الأمور.. فالكل وكما نعرف يبحث فقط عن الكرسي وعن السلطة ولا يهم حتى لو غرق الشعب ودمر بأكمله.. وعلى كل لنعلم أن الفساد والمفسدين ليسوا فقط في السلطة ولكنهم كثير خارجها في المعارضة واللقاء المشترك يمثلون الديكتاتورية الحقة وهم لا يشعرون بذلك وهذا واضح ومعروف للجميع.. ولكن ولكون السلطة فقط في الواجهة.. فنحن جميعاً نرمي البلاء عليها متناسين دور كل واحد منا في إصلاح نفسه أولاً وبعدها أهله ومجتمعه والدعوة دوماً إلى الأشياء المفيدة التي دائماً تدل على الخير والمحبة والتي دوماً تجمع ولا تفرق.
ونريد معارضة تكون على قدر من المسؤولية لا للتخفي والتستر وتقنص الأخطاء والظهور بعدها لتأزيمها والعمل بجد على إثارتها.
وأن نتكاتف سلطة ومعارضة من أجل هدف واحد وهو الوطن والمواطن اليمني وكيفية الرقي به والإعلاء من شأنه وقيمته وتحسين وضعه ومعيشته ومحاربة الفقر والبطالة وإيجاد فرص العمل للشباب المؤهلين وغير المؤهلين ومعاملة المواطنين جميعاً بدون تفضيل وبدرجة واحدة ولأن هذا واجب السلطة كونها الحاكم وواجب المعارض كونها رديف السلطة والوجه الآخر لها كما هو معروف في جميع الدول.
واتخاذ الحوار وسيلة أسياسية والتعامل مع الأزمات بطرق إيجابية بعيداً عن المغالاة والتأزيم من أجل فقط أضعاف الآخر وإظهاره بمظهر السيء.
وعلى الجميع إبداء التنازلات وإثبات حسن النيات أقلها من أجل اليمن وشعبه وكي نبني معاً ولا ندمر ولا يحصل لا قدر الله ما لا يحمد عقباه.. هذا المرجو.. وهذا المطلوب من ذلك كله.
ولنعلم بحديث معلم هذه الأمة ومنقذها الرسول الأعظم بقوله: (( لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم مسلم)) صدق رسول الله..
لنفهم جميعاً هذا الحديث وأن ما من شيء يستحق أن يتناحر الناس فيما بينهم من أجل إرضاء الشيطان وأعوانه.. وأن ننبذ الغوغاء والعشوائيين الذين لا يقدرون الأمور ويحسبونها من جميع النواحي وعدم التسرع خصوصاً في الأمور التي تهم شعباً بأكمله كي لا نقع وننجر في أمور نحن وشعبنا وأمتنا في غنى عنها، ونسأل من الله عز وجل أن يجنب الجميع الفتن وأن يجنب هذا الوطن كيد الكائدين.. وأن يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار.
وإنه فعلاً لا مجال للمقارنة و"علي غير بن علي" وإننا -والحمدلله- أفضل بكثير من غيرنا.
هاني محمد حلبوب
لا مجال للمقارنة.. ف علي, غير بن علي 1818