الأطباء المعالجون -الأيدي الرحيمة, ملائكة الرحمة- أو كما يحلو لكم إطلاق المسميات عليهم لأنهم في نهاية الأمر من أختصهم الله في أرضه ليكونوا سبباً من أسبابه سبحانه وتعالى بأن يكون الشفاء على يدهم.
فالطبيب المعالج وإن أختلف مكانه وزمانه وتخصصه ودرجة علمه وتعليمه.. يظل هدف كل الناس المرضى في العالم ليتم تخفيف ألآمهم ومصابهم الجسدي أو الفكري أو النفسي.. ولأن السبب الأساسي المساند لهم في هذه المهمة الشريفة والعالية ولا يضاهيها عمل دنيوي (حسب رؤيتي المتواضعة)، هي صرف الدواء وطرق تعاطيه والاستمرار فيه ومن قبل ومن بعد قدر الله في الشفاء لهذا أو ذاك المريض, ولأن هذه مسئولية كبرى تقع على عاتق الأطباء وذلك من خلال عدة اتجاهات في هذا الجانب, فمن جهة أولى التشخيص السليم و تحديد العلاج المناسب، ثم تحديد الجرعة المناسبة، ثم بعد ذلك والتي هي محور تحليلنا خلال كل هذه الكتابات هي تحديد الشركة المناسبة للمريض.
ولأن معظم الأطباء يعرفون تمام المعرفة المهمة السامية والإنسانية لمهمتهم، فهم أنفسهم أعلم من غيرهم احتياج المريض للدواء المحدد دون غيره، ومن خلال هذا تتم عكس رؤية إيجابية أو سلبية من قبل المرضى للأطباء ومن خلال هذا تتم الشهرة لهذا الطبيب دون غيره، لذا يسعى كل طبيب لوصف الأدوية ذات الإنتاج العالمي ذات الفعالية الأكثر ضمانا وجودة دون الالتفاف إلى القدرة الشرائية لهذا المريض، ولأن معظم الأطباء يصرون على المريض بشراء هذا الصنف دون غيره، فإن معظم المرضى يكلفهم هذا الجانب مبلغ كبير جداً من المال وقد يكون على حساب أشياء حياتية أساسية, المسئولية كبيرة جداً تقع على عاتق الطبيب المعالج من خلال هذا الوضع وهو واقع بين أمرين, بين وصف دواء غالي الثمن أو بديل له أرخص ثمنا وفي المقابل قد لا يكون ذا نتائج مرجوة، غير أن المعروف لدى الجميع أن الفعالية نفسها والاختلاف في الجودة والجودة ضرورية في هذا المجال, الجانب الإنساني والنظرة الإنسانية للمرضى هام جداً، بعض الأطباء أخذينه في الاعتبار وكثيرون منهم بعيدون كل البعد عن هذا الجانب, فهناك أطباء وللأسف كثيرون ينجرون انجراراً خلف شركات الأدوية ومغرياتها وتحفيزاتها دون الالتفاف إلى الجانب المادي للمريض في مجتمع يعيش معظم أفراده تحت خط الفقر.
فالطبيب وبمجرد أن تزوره شركة من شركات الأدوية وتعطيه المحفزات يتم بعد ذلك وضع العقود والاتفاقيات سواء مع الشركة أو مع الصيدلية المجاورة له حيث يعطى هذا الطبيب نسبة مالية من الكمية الدوائية التي سيتم صرفها للمرضى، سواء من الشركة أو الصيدلية المجاورة ووفقا للنسبة يكون الوصف لدرجة أن بعضاً من هؤلاء الأطباء ينسلخ من آدميته ويوصف أدوية لمرضى في معظم الأحيان ليست ذات فائدة للمريض بل قد تضر المريض جسدياً ومادياً ولكي يحصل على مئات من الريالات كنسبة من المريض الواحد يخسر المريض آلاف مؤلفة من الأموال يحتاجها لتسيير أمور حياته الدنيوية الأخرى ومن يعول في إجراء لا يعكس أخلاقيات الطبيب المثالي، الذي يجب عليهم جميعا الالتزام بهذه المثالية, وبعض الأطباء ولكثرة شركات الأدوية والأصناف المتنافسة في السوق والبديلة لكل صنف يرضي كل يوم شركة أدوية تزوره بعيداً عن إرضاء خالقة في الترفق بعباده، من خلال وصف الدواء المناسب بالكمية المناسبة, وبعض الأطباء يفسدون من قبل الصيدلي المجاور له من خلال التعاقد معه ويلزم الطبيب في هذه الحالة المريض بالشراء من الصيدلية المجاورة له ثم الرجوع إليه ليس ليفهم المريض كيفية استعمال الدواء بل ليتأكد من رمز الصيدلية المجاورة ثم تقييد هذه الوصفة على الصيدلية المجاورة ليتقاضى نسبته المتفق عليها, وبعض الأطباء يأخذ فكرة بأنه عند وصف كمية كبيرة من الأدوية للمريض وبسعر مرتفع يدل ذلك على خبرته الكبيرة وجدارته العلاجية وغير ذلك.
وبعض الأطباء مشاركون في شركات أدوية ويصر على المريض بأن الشفاء فقط في أصناف شركته بغض النظر عن الجودة أو التكلفة, وبعض الأطباء وللأسف لا يأخذ الوقت الكافي ليسمع شكوى المريض، إما لضيق وقته في أعماله الأخرى أو لتزاحم المرضى أمام عيادته حتى أن معظم المرضى يتم تشخيصهم إما خطأ أو تشخيص جزئي ومن خلال هذا يتم صرف العلاج الخاطئ وما يترتب على ذلك من مشاكل صحية ونفسية ومادية أيضاً على المريض, كل هذه المشاكل أسبابها عدة بعضها أسباب ذاتية إنسانية تنبع من ذات الطبيب المعالج وتلاشي خوف الله من قلبه وبعضهم نابع من الوضع الاقتصادي للبلد ومحاولة الكسب الكثير لمجابهة أعباء الحياة المادية التي تتطلبها الحياة بطرق شرعية أو غير شرعية, ومعظمهم وللأسف أفسدتهم سوق الأدوية المتخم بالشركات والأدوية والمنتجات الأخرى، حيث أن كل شركة تسعى لكسب ود هذا الطبيب أو ذاك ونحن نعلم أن كسب الود لا يأتي بالكفاءة العلاجية أو السعرية بل تأتي من خلال ما تقدمه الشركة من مغريات مادية أو مغريات أخرى عينية كالتجهيزات العيادية أو تذاكر السفر الترفيهية والإقامات ومعظم الأوقات إيجار العيادات وغير ذلك, ولأن معظم هذه الالتزامات تكون في أحيانا كثيرة مبررة ومتبعة في معظم البلدان، خاصة العربية منها ودول العالم الثالث ولكن المشكلة تكمن في أن بعض الأطباء يتعاملون مع شركات أدوية أو موزعين وأحيانا وللأسف الشديد مهربين للأدوية ولا يأخذون في الاعتبارات النظرة الإنسانية والأمانة التي تقع على عاتقهم (مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعا) والعكس في قتلها,ولكي أعطي كل ذي حق حقه وللأمانة العملية والتحليلية، هناك الكثير من الأطباء ممن يقومون بمسئوليتهم العلاجية والإنسانية على أكمل وجه، بعيدين كل البعد عن مغريات شركات الأدوية فإن كان المريض ميسور الحال أو من متوسطي الدخل أو من أغلبية الشعب ذوي الدخل المحدود وصف لكل فئة وفق قدرته الشرائية دون المبالغة الشديدة في أو الانحصار الشديد.
هذه كلها وغيرها من المشاكل التي تظهر تباعا وتتزاحم في سوق الدواء لليمن الحبيب والكل مشترك فيه وتكثر هذه المشاكل في ظل غياب الرقابة الذاتية والرقابة العامة , رقابة الإنسان لله المراقب له والمطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور ورقابة الدولة لمثل هذه الأعمال في ظل مسئوليتها للحفاظ على سلامة الوطن وأبناء الوطن وتخفيف الأعباء عليهم في ظل المسئولية الدنيوية الملقاة على عاتق المسئولين والخوف من يوم سيسألون عما استرعاهم الله به.
ومن هنا من هذا الجانب أشدد على وزارة الصحة والسكان بالاضطلاع بمسئوليتها التامة للحد من هذه العشوائية القائمة في سوق الدواء من جانب ورفع الوعي والإرشاد المناسب للأطباء.. لأن هذا عمق عملهم الميداني التنفيذي بعيدا عن إصدار القرارات والقوانين ومن ثم أرشفتها في مكاتبهم للتباهي بها مستقبلا بحسن العمل الإداري وفشله الذريع ميدانياً وهو الأهم لأن الإنسان اليمني ورفاهيته العلاجية والدوائية مسئوليتهم في المقام الأول والأخير والذي إن شاء الله سأختم نظرتي التحليلية لهذا المجال بنظرة عامة على المريض وكيفية تلاطم أمواج السوق الدوائي به من هنا إلى هناك وثقافته العامة للتعامل مع الدواء في مقالي الأخير.. والله من وراء القصد.
من أسباب تدهور العملية التربوية والتعليمية
محمد مسعد الحابشي
إن نجاح العملية التربوية والتعليمية مرهون بمدى إحساس الهرم التربوي والتعليمي بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقة في تربية وتعليم الأجيال.. ومن المؤسف أن هذا الإحساس شبه مفقود عند الكثيرين وبالذات بعض الإدارات المدرسية الفاسدة.. ومن الأسباب الجوهرية والعلامات البارزة التي تدل على فساد العملية التربوية والتعليمية في هذه المدرسة أو تلك استحوذ لمدير على كل شيء في المدرسة وكأن المدرسة ملك خاص له وبالتالي يترك الحبل على الغارب للمقربين المتملقين ويستعرض عضلاته على من ينتقدون التصرفات الخاطئة والممارسات الغير مسؤولة التي تنعكس سلباً على مستوى التحصيل العملي والمعرفي والسلوك السلبي عند التلاميذ.
ومن المضحكات المبكيات أن بعضاً من مدراء المدارس لا يعون أهمية قيام كل مدرس بأعداد الواجبات التعليمية بذاته باعتبار ذلك عاملاً من عوامل اكتساب المهارات والشعور بالمسؤولية والواجب الملقاة على عاتقه وتفتح باب الإتكال على الآخرين مثلاً يقوم مدير المدرسة بالاتفاق مع مدرس ومتعاقد أو بديل بعمل نتائج الامتحانات الفصلية والنسوية والشهادات كل الصفوف ويفرض على كل مدرس دفع مبلغ معين أو يتفق معهم لهذا المقاول مقابل قيامه بذلك ويخلي بعد ذلك سبيل مربي الصفوف "الشعب" وهو لا يعلم أن هذه كارثة بل أم المصائب.
أذ بدلاً من أن يعد النتائج مربى الصفوف "الشعب" بأمانة ومسؤولية باعتبارهم المشرفين المباشرين على هذه الصفوف "الشعب" وعندهم تقييم كامل لكل طالب وطالبة يكلف بها مقاول لا يعرف شيئاً من ذلك وبالتالي قد يحصل تلاعب وظلم وسوء تقدير يكون ضحاياه طلاب وطالبات لا ذنب لهم باعتبارهم ثمار جهد طويل لعام دراسي كامل وينعكس هذا الأسلوب الهدام أيضاً سلباً على المدرسين أنفسهم فيصبحون أتكاليين وسلبيين فمثلهم كمن يزرع ويكلف غيره بالحصاد وهذا بالتالي يضرب بالعملية التربية والتعليمية عموماً ولا يقل خطر عن الغش فأصلهما واحد.. والطلاب والطالبات هم الضحية الأولى والمتضررون كثيراً.. وهذا بالتالي يضر بالمصلحة الوطنية عموماً ويؤثر، سلباً على الحياة العامة للمجتمع في كل مجالات الحياة أليس كذلك!!
يوسف الحاضري
نظرة عامة عن إدارة سوق الأدوية في اليمن.(3)الأطباء المعالجون ومسئوليتهم الدوائية. 2286