المعاناة أصحبت صفة ملازمة للمواطن اليمني وإن تباينت من شخص لآخر إلا إنها في الأخير تبقى هي المعاناة ولا يتغير اسمها.. ولأن المجتمع مكون أساساً من فئات وطبقات اجتماعية فنجد أن كل فئة وكل طبقة لها هموم والآم، فإذا تحدثنا عن الفئات فهي وبحسب ما هو موجود على أرض الواقع مقسمة إلى ثلاث كالتالي:
- فئة معدمة لا تجد ما تقتات به لذا فأغلبية أفرادها يموتون جوعاً.
- فئة محرومة من أبسط الحقوق وتكابد من أجل العيش.
- أما الفئة الثالثة فهي فئة الأغنياء والمترفين فهذه الفئة تزداد غناً يوماً بعد يوم لأن أفرادها أصحاب سلطة ونفوذ.
أما أذا تحدثنا عن الشرائح فنجد العمال البسطاء هم أكثر الناس.. هماً فعلى سبيل المثال "أحمد" عامل بسيط بالأجرة اليومية.. يجيد أي عمل يطلب منه سباكة، بناء، طلاء.. فهذا العامل البسيط يخرج من الفجر مع أدواته ينتظر أن يأتيه رزقه ويحصل على عمل في ذاك اليوم ويتعب ويكد ويعمل حتى يحصل في الأخير على أجر زهيد يكاد يكفيه هو وأسرته.. فالعامل البسيط ذو الأجر اليومي يعاني يومياً من حرارة وقسوة الحياة التي تزداد قسوة يوماً بعد يوم على هذا العامل البسيط وأمثاله وعلى الرغم من ذلك تجدهم يحبون عملهم ويفرغون كل جهدهم في العمل ولكنهم يتحصلون على أجرة لا تفي احتياجاتهم.. إن الاستغلال يعد المعاناة الأولى في حياة هؤلاء العمال.
أما الموظف الذي يحب عمله وكان شغوفاً به فقد كان يحلم أن ينجز أعمالاً ويحقق المكاسب ولكن حلمه مات على كرسي الوظيفة لم يتحصل على أي امتيازات أو حتى ترقيات لينال راتباً أكثر يستطيع أن يجاري به الأسعار المترفعة والغلاء الذي طغى وساد كل المواد.
حتى المدرس الجامعي يعاني ويحمل هموماً فهو يجد ويجتهد في تحصليه العلمي وقد يكون من الأوائل والمتفوقين علمياً ولم يقصر ويحافظ على تفوقه ويكافئ على ذلك ليكون معيداً في الجامعة ويفرح لذلك وتزداد حماسته ويواصل دراسته الماجستير ليحسن من مستواه العلمي والمعيشي فهو يعمل مدرساً جامعياً مع ذلك لا يتحصل على راتب مناسب إطلاقاً.. فحتى يتحسن وضعه المادي ويزداد راتبه لابد وأن يواصل الدكتوراه وقد لا يستطيع المواصلة نتيجة لرفع الرسوم المقررة للدارسين ونتيجة أيضاً لوضع العراقيل كدراسة اللغة الإنجليزية وإجادتها كتابة ولفظاً وهذا الأمر قد يصعب على الكثير وبذلك يظل المدرس الجامعي محلك سر.. علماً بأن الأداء بالنسبة للمدرس يساوي أداء الدكتور حتى المراحل واحدة والمواد واحدة والفرق شاسع جداً في الرواتب طبعاً حملة الدكتوراه يستحقون ذلك.. وإنما أيضاً حملة الماجستير بحاجة لأن يلتفت إليهم وتزاح معاناتهم.
أما الأطباء فقد يظن البعض أنهم في راحة وأنهم يعيشون حياة رغيدة فالأطباء في بلادي من لديه عيادة خاصة أو حتى مستشفى هو فقط من يعيش حياة رغيدة أما من يعتمد على معاش الحكومة فلا حول له ولا قوة.. والمشكلة الكبرى أن الكثير من الأطباء الأذكياء والمحبين للعمل على الرغم من قلة الراتب ما يصيبهم اليأس ويتوغل إليهم الملل لعدم استطاعتهم القيام بأي بحوث أو دراسات وذلك لعدم توفر الإمكانيات وكثرة الروتينات وهذا الأمر يشعرهم بالعجز وبالتالي يصابون بالإحباط ويقفون مكتوفي الأيدي حيال العراقيل والروتين وانعدام الإمكانيات.
أما هم الصيادين فهو الأكبر فهم يرون الخير أمامهم في بحارنا التي وهبنا إياها "الرحمن الوهاب" ولا يستطيعون أخذ ما يشاؤون من خيرات بحارنا علماً بأنهم يملكون القوارب ولكنهم يفتقدون للأمان والأمن فهم لا يسلمون من القراصنة الذين يأتون يهددون أمن شواطئنا وبحارنا وسلامة أرواح الصيادين والبحارة.
فكم من صياد جازف وذهب للاصطياد ليتحصل على ما يعيل أسرته.. لكنه لا يعود سالماً إلى من ينتظرون عودته ليعولهم.. فالقرصنة باتت تهدد أمن بحارنا وبما أن البحار تابعة للدولة فإذن القرصنة أصبحت تهدد أمن وسلامة البلاد.
كروان عبد الهادي الشرجبي
هموم مواطن 2198