"ويكيليكس" موقع إلكتروني للناشر "جوليان أسانج" السويدي "39" عاماً- الذي دوّخ الدنيا، وأقامها ولم يقعدها بنشره للوثائق السرية للخارجية الأمريكية، قام بنشر هذه الوثائق الإلكترونية وما تحمل من خبايا وأسرار.. كانت طي الكتمان لولا جهود هذا الرجل، الذي أراد للحقيقة الظهور وكشف المستور بنشره للملابس الداخلية للخارجية الأميركية على حبل الغسيل ليراه كل ذي عينين وما تحمل هذه الملابس من دنس ووسخ.. وفي الوقت نفسه ليسقط أقنعة كثير من الأنظمة التي كانت تدّبر في الخفاء وتعمل في جنح الظلام وتدخل في تحالفات وعمليات مشتركة مع الولايات المتحدة الأميركية تحت بند ( سرّي للغاية ) ولو كانت هذه التحالفات ضد شعوبها، المهم عند قادة هذه الأنظمة الرضا الأمريكي، فهم يسبحوا ليل نهار لنيل هذا الرضا والمباركة الأمريكية لأنظمتهم المتهالكة وذلك في استماتة للحفاظ على كرسي الحكم والملك العظوظ.
وكل ذلك وذاك ما حصل إلا بتقدير من الله المتعال الذي سير الأمور ومكّن لهذا الرجل من كشف المستور.. فهو الآن مطارد من كثير من البلدان ومطارد من الأنتربول الدولي لإلقاء القبض عليه بتهمة الاغتصاب.. وأظن أنها مصطنعة ومفبركة وعمل مخابراتي من الطراز الأول لوقف جماح هذا الرجل ليوقف تسريباته للوثائق السريّة للخارجية الأميركية والتي أساءت لأغلب الأنظمة القائمة وأحرجتها أمام شعوبها ومواطنيها، وأحرجت النظام العالمي الجديد أيضاً والذي تمثله أميركا ومبدأ حقوق الإنسان وكل المبادئ والشعارات البرّاقة والتي ترفع في العلا وفي حقيقتها خوا .
وقف الناس والنخب المثقفة حيال هذا الموقع وصاحبه بين مؤيد ومعارض.. مؤيد لنشر التسريبات وما تحمله من دسائس ومؤامرات حتى يحيى من حيّ عن بينة ويهلك من هلك عن بينة، ومعارض لهذه التسريبات باعتبارها تجافي الحقيقة وتجانب الصواب أو هي كذب المراد منه التفرقة بين الشعوب والحكام أو بأنه دسيسة إسرائيلية استسلاماً لعقدة المؤامرة.. وانبرى لهذه الوثائق وذلك الموقع محامو الدفاع عن هذه الأنظمة من كتّاب وصحفيي الصحف الرسمية لهذه البلدان المتضررة من التسريبات ولهذا ظهرت كتابات ومقالات مثل ( الفرصة السانحة ) و( ويكيليكس بين الواقعي والافتراضي )، ولاسيما الاحتمال الثاني لهذا المقال وكلاهما للدكتور/عمر بن عبد العزيز، ضمن عموده يوميات، ومقال للدكتور/ نزار العبادي ضمن عموده يوميات وطن، ومقال الأخ / خالد السفياني تحت عنوان ( تسريبات ويكيليكس والدس الرخيص ) ومما جاء في آخر المقال قوله -هداه الله- هذه التسريبات على كل الدول العربية والإسلامية تجاهلها كلياً باعتبارها لا تعني أحداً أ.هـ ).
أقول لهؤلاء الأخوة محاميي الدفاع عن هذه الأنظمة ما أعلمكم بخبايا الأمور وما دار في الكواليس وما يدور في السر من أدناس وأوحال وأرجاس السياسة والتي لم تقم على نور من الله وتحكيم شريعته.. ألم تقرأوا قوله تعالى في سورة آل عمران ( لم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) وقوله كذلك في سورة النساء الآية ( 109) ( ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا ) قال العلامة ابن سعدي في تفسيره ( أي هبكم جادلتم عنهم في الحياة الدنيا ودفع الله عنهم بجدالكم بعض مايحذرون من العار والفضيحة عند الخلق، فماذا يغني عنهم وينفعهم؟ ومن يجادل الله عنهم يوم القيامة حين تتوجه عليهم الحجة، وتشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، فمن يجادل عنهم من يعلم السر وأخفى ومن أقام عليهم من الشهود ما لايمكن معه الإنكار أ.هـ )
وماعليكم كإعلاميين إلا إعلام المتلقين من القرّاء بالحقيقة دونما رتوش وإن كانت مُرة، وكذلك نقلكم للصورة وإن كانت باهتة، والقصة بكل تفاصيلها وإن غدت مملة.. هذه هي رسالة الإعلام الغائبة عند كثير من الكتّاب والصحفيين وإن كانوا من الأكاديميين.
ودمتم مشاعل نور على طريق الحق..
Mag19692000@hotmail.com